لندن- خط ساخن لمساعدة ضحايا الإسلاموفوبيا في بريطانيا

الجمعة, 24 فبراير 2012

في خطوة من شأنها رصد معدل ارتفاع جرائم الكراهية ضد المسلمين في المجتمع البريطاني، أطلقت منظمة "فايث ماترز" "Faith Matters" غير الربحية - مقرها لندن - بدعم مادي من الحكومة البريطانية، خطا ساخنا لمساعدة ضحايا "الإسلاموفوبيا"، وذلك بهدف توثيق وتسجيل الانتهاكات المستمرة بحق الأقلية المسلمة في المملكة المتحدة، حيث سيتم إبلاغ الأجهزة الأمنية عن الحالات التي ترد إلى المنظمة، على أن تقدم "فايث ماترز" بعد عام تقريرا للأجهزة المعنية يتضمن تقييما لحجم المشكلة الحقيقية التي يتعرض لها المسلمون هناك، في إطار الضغط على السلطات البريطانية بتصنيف جرائم الكراهية ضد المسلمين كجرائم مستقلة عن الجرائم العنصرية، كما هو الحال مع جريمة "معاداة السامية" التي يحاكم عليها القانون على أنها جريمة لها مفاعيلها وتداعياتها القانونية المستقلة عن الجرائم العنصرية.

رصد الوقائع وفرصة للتحرك

وفي هذا الصدد، يوضح مدير المنظمة "فياض مغل" "Fiyaz Mughal" الهدف من هذه الخطوة قائلاً:" يعتقد الكثيرون في المملكة المتحدة أن الجرائم التي ترتكب بحق المسلمين، لا أساس لها من الصحة أو لا وجود لها. ومن هنا تعمل منظمة "فايث ماترز" على إقامة مشروع قياس للهجمات المضادة للمسلمين بمساعدة مالية من الحكومة البريطانية. وتخصيص الخط الهاتفي المساند لضحايا الإسلاموفوبيا يعدّ فرصة للمجتمع المسلم لعرض قضيته الموثقة بوقائع سيتم التبليغ عنها وسيصار لتحويلها إلى السلطات المختصة"، بحسب ما نقلت عنه الإذاعة البريطانية في تقرير نشر يوم الثلاثاء 21-2-2012.  

ووجه "فياض" نداء إلى كل شخص عانى من سوء المعاملة، أو تعرض لهجوم، أو تلقى رسالة مع تعليقات مثيرة للجدل بسبب اعتناقه الديانة الإسلامية، طالباً منه الإبلاغ عن هذه الحالة، لدعم هذه القضية. فوفقا لأبحاث هذه المنظمة، تحركت الشرطة البريطانية في التحقيق بـ 14 جريمة فقط من أصل 44 جريمة تم التبليغ عنها من قبل ضحايا الإسلاموفوبيا في العام الماضي.

ومع مطالبة الهيئات المعنية بحماية حقوق المسلمين في بريطانيا، بتصنيف جريمة الكراهية ضد المسلمين على أنها جريمة تعادل في آثارها القانونية آثار جريمة معاداة السامية، ما زال القانون البريطاني يدرج هذه الجريمة إلى جانب جرائم الكراهية الدينية ضد المسيحية والهندوسية والسيخ، فيما تصنف "معاداة السامية" كجريمة مستقلة.

هذه المطالب يرى فيها متحدث باسم رابطة كبار ضباط الشرط لـ"بي بي سي" :" أنه تم البدء في تسجيل جرائم الكراهية المعادية للسامية بشكل منفصل منذ عام 2006 وذلك استجابة لطلب من الحكومة بعد إجراء تحقيقات في هذا الشأن"، موضحاً أن:" تحديد جرائم الكراهية بحق الديانات الأخرى هو تحد كبير، لأن القانون البريطاني غالبا ما ينظر إلى هذا النوع من الجرائم على أساس أنها جرائم عنصرية، وبالتالي فأي تصنيف لجريمة على أنها كراهية للمسلمين، سيُحدث خلطا في عملية التمييز بين بيانات ضحاياها وبين بيانات جريمة العنصرية"، لافتاً إلى أنه على الرغم من أن الشرطة البريطانية لا تنشر البيانات الوطنية المتعلقة بجرائم الكراهية ضد المسلمين، فمن المهم التأكيد على أن جميع قوات الشرطة المحلية تحتفظ ببيانات هذه الجرائم"، على حدّ قوله.

من المسؤول عن "الإسلاموفوبيا"؟

لم تأت مبادرة "فايث ماترز" الهادفة إلى رصد هذا النوع من الجرائم، إلا بعد أن أظهرت الأرقام زيادة في عدد الجرائم المرتكبة باسم "الإسلاموفوبيا"، حيث طالب "المجلس الإسلامي البريطاني"Muslim Council of Britain في مؤتمر عقد في يونيو 2011، السلطات البريطانية بمزيد من المراقبة والاستجابة في التحقيق بالاعتداءات العنيفة والتهديدات بالقتل وتدنيس المقابر التي يتعرض لها المسلمون، منتقدا تقصير السلطات في تشجيع المسلمين على الإبلاغ عن مثل هذه الحالات.

ووفقا لما نشرته "الإندبندنت" The Independent في 12 يونيو 2011 نقلاً عن الأمين العام للمجلس فاروق مراد Farooq Murad، فإن سجلات شرطة العاصمة البريطانية، تشير إلى وقوع نحو 762 جريمة كراهية ضد المسلمين في لندن فقط منذ نيسان عام 2009 وحتى أواخر أبريل 2011. وفي مقابل 1200 جريمة كراهية وقعت بحق مسلمين في المملكة المتحدة كاملة عام 2012، سُجلت 546 جريمة معاداة سامية فقط.

وبالتزامن مع ارتفاع معدل انتشار الإسلاموفوبيا في هذه الدولة، حيث كشف استفتاء لمركز "Com Res" الاستشاري- نشر في أغسطس من العام الماضي- أن 99% من المستطلعين يؤكدون أن الإسلاموفوبيا حقيقة واقعة، فيما يؤكد 53% منهم مسؤولية الإعلام البريطاني عن ممارسات الإسلاموفوبيا، مع تحميل 11% من المستطلعين مسؤولية المسلمين عن تلك الممارسات، ويرى د. ليون موسوي Leon Moosavi الأستاذ في جامعة لانكسترLancaster University والمتخصص في الإسلاموفوبيا، أن "الخوف من الإسلام والمسلمين مشكلة واسعة الانتشار في المملكة المتحدة"، مؤكدا الحاجة إلى نشر ثقافة الدين الإسلامي بوجهها الصحيح في المجتمع البريطاني للحدّ من هذه الظاهرة. ويقول موسافي في التقرير الذي نشرته الإذاعة البريطانية إن:" تعليم تعاليم الديانة الإسلامية في المدارس البريطانية أمر ملح، وأنه على المسلمين أن ينشروا ثقافة الإسلام بين الناس".

لكن يبدو أن نشر ثقافة الديانة الإسلامية في المملكة المتحدة، باتت تمثل مصدر قلق داخل المجتمع البريطاني، ولا سيما مع تجاوز عدد الذين اعتنقوا الإسلام بلغ المائة ألف، وفق تقرير نشرته "فايث ماترز" ونقلته "مايل أون لاين" في 5 يناير 2011، وقدّر التقرير عدد البريطانيين الذين أشهروا إسلامهم خلال سنة واحدة (2010) بـ5200 شخص، منهم 1400 يعيشون في العاصمة لندن، وأن 70% منهم من أصحاب البشرة البيضاء، فيما بلغ معدل العمر الوسطي لهؤلاء 27 عاماً، مع الإشارة إلى أن مسلمي بريطانيا يشكلون نحو 3% من عدد السكان.

ومع ارتفاع معدل جرائم الكراهية بحقهم، هل سيتمكن مسلمو بريطانيا - الذين لا يتجاوز عددهم المليوني نسمة - من انتزاع تشريع يُجرّم من يعتدي عليهم لدوافع دينية، كما هو واقع جريمة "معاداة السامية"؟

24-02-2012

المصدر/ موقع إسلام أون لاين

«مايو 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
Google+ Google+