باريس- ساركوزي يزور مسجد باريس لتكريم ضحايا الحرب العالمية من الجنود المسلمين

الخميس, 15 مارس 2012

خص الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الجالية المسلمة بلفتة بارزة ظهرت أمس الأربعاء بتدشينه لوحة تكريمية للجنود المسلمين الذين حاربوا في صفوف الجيش الفرنسي إبان الحرب العالمية الأولى والذين سقط منهم ما يناهز الـ300 ألف. ووسط إجراءات أمنية مشددة، زار ساركوزي، بصفته رئيسا للجمهورية وليس بصفته مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة، مسجد باريس الكبير، حيث استقبله عميده الدكتور دليل بوبكر، ورئيس المجلس الفرنسي للدين الإسلامي محمد الموسوي، ونائب الرئيس شمس الدين حافظ، وأعضاء ووجوه بارزة من المجلس ومن الجالية الإسلامية.

وجاءت زيارة ساركوزي في وطيس الحملة الرئاسية وبعد جدل عنيف شهدته فرنسا حول الإسلام، واللحم المذبوح وفق الشريعة (المسمى اللحم الحلال)، والصلاة في الشوارع (خارج المساجد وقت امتلائها)، وكثرة المهاجرين الشرعيين، والأمن، وموقع الحضارة الإسلامية بالنسبة للحضارات الأخرى. وكان لافتا أن وزير الداخلية وشؤون العبادة رافق الرئيس الفرنسي، علما بأنه أثار بتصريحاته حساسيات المسلمين؛ إذ إنه صاحب نظرية تفاوت قيمة الديانات ودونية تلك التي لا تحفظ للمرأة حقوقها، وهو منظر رفض إعطاء الأجانب حق التصويت في الانتخابات المحلية، مخافة أن يفرضوا «اللحم الحلال» في المطاعم المدرسية، وهو المسؤول الذي ربط بين المهاجرين وارتفاع أرقام الجريمة في فرنسا. ودعا رئيس الحكومة فرانسوا فيون، من غير أن يسميهم، اليهود والمسلمين، إلى التخلص «من عادات قديمة» لم يعد لها معنى، في إشارة إلى طريقة التضحية بالحيوان عند أتباع هاتين الديانتين، مما أثار حفيظة المسلمين واليهود معا، الأمر الذي حفز فيون إلى الاجتماع بمسؤوليهم الأسبوع الماضي لتهدئة خواطرهم. كما أن ساركوزي نفسه ذهب إلى حد اعتبار أن هناك «كثيرا» من المهاجرين في فرنسا، و«اللحم الحلال» هما «الشغل الشاغل» للفرنسيين، مما اعتبر مسعى منه لاجتذاب ناخبي اليمين المتطرف في معركة لا تبدو، حتى الآن، أنها ستحسم لصالحه.

ووضع ساركوزي باقة ورد أمام اللوحة التذكارية التي نصبت داخل حرم المسجد وطُلِبت دقيقة صمت، أعقبها النشيد الوطني الفرنسي الذي أنشدته جوقة الجيش.

وأعلن ساركوزي لدى ختام زيارته أنه «لا يتعين المس بمشاعر مواطنينا المسلمين بإثارة جدل لا طائل تحته» في إشارة إلى موضوع «اللحم الحلال»، مضيفا أنه «يتوجب أن يجد كل مواطن مكانه في رحاب الجمهورية وأن يعيش ديانته بكل راحة». وأشاد ساركوزي بالمجلس الوطني للدين الإسلامي، معتبرا أنه تحول إلى «أداة للحوار بين مختلف الديانات في فرنسا».

وقالت نوال، وهي طالبة علوم اجتماعية من أصل مغربي كانت بالقرب من المسجد أمس للإعراب عن غيظها من مجرى الحملة الانتخابية وتعرضها للمسلمين، إن «الكيل قد طفح، ويتعين وضع حد لتوجيه الإهانات للمسلمين كلما اقتربت الانتخابات». وأثنى محمد، وهو موظف شركة تأمين، جزائري الأصل، على ما سمعه، مطالبا المرشح ساركوزي بأن «يضع حدا لسوء الفهم القائم بينه وبين المسلمين».

وعقد ساركوزي، الذي لعب دورا مهما في إنشاء المجلس الفرنسي للدين الإسلامي عندما كان وزيرا للداخلية، اجتماعا مع الموسوي وبوبكر تناول شؤون المجلس والجالية والجو الحالي في فرنسا. ويعاني المجلس من صعوبات ونزاعات سببها صعوبة التوفيق بين الجهات المكونة لهيئته الإدارية وخلافاتها «التاريخية» بين التيارين الجزائري والمغربي اللذين تتكون منهما أكبر جاليتين مسلمتين في فرنسا. وفي موضوع «اللحم الحلال»، أعلن المجلس الفرنسي عن إطلاق مشاورات داخلية في الموضوع للوصول إلى حل يراعي القواعد المعمول بها في فرنسا ويحترم التقاليد الإسلامية. وقال عميد مسجد باريس إنه «حان الوقت للتذكير بأن لنا تاريخا مشتركا، وهذه اللوحة مرحب بها في الوقت الذي يتعرض فيه المسلمون للتنديد». وينتظر أن تكون هذه اللوحة جزءا من مجموعة متكاملة لذاكرة المسلمين التاريخية بحيث ستدشن لوحة مشابهة بعد الانتخابات تخصص لتكريم الذين سقطوا من الجنود المسلمين إبان الحرب العالمية الثانية.

ويبلغ عدد المنحدرين من أصول إسلامية في فرنسا ما بين 5 و6 ملايين نسمة. لكن هذه الأرقام ليست دقيقة لأن القانون الفرنسي يمنع الإحصاءات على أساس عرقي أو ديني. ويشكل الناخبون المنحدرون من أصول عربية، خصوصا من بلدان المغرب العربي، قوة ضاربة؛ غير أنهم مشتتون وموزعون على كل الأحزاب يمينا ويسارا مع أفضلية لليسار بشكل عام.

15-03-2012

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+