السبت، 11 مايو 2024 18:14

برلين- القيم المشتركة في مقدمة تدريس الإسلام في ألمانيا

الخميس, 31 مايو 2012

منذ حوالي عشر سنوات أصبح بإمكان التلاميذ من أصول مسلمة تلقي الدروس الإسلامية في العديد من المدارس الألمانية. DWعربية زارت أحد المدارس للتعرف عن قرب على سير العملية وتحدثت مع خبراء ومدرسين ومسؤولين وآباء التلاميذ.

فصل الدستور الألماني الدولة عن الشؤون الدينية، غير أنه يلزم الدولة بضمان حرية ممارسة العقائد الدينية لكل الأشخاص والجماعات. وفي الوقت الذي تقوم فيه المؤسسات والجمعيات الدينية المسيحية واليهودية في الولايات بوضع مقررات ومناهج تدريس المواد الدينية في المدارس الحكومية بصفة رسمية يمكن لكل أقلية دينية في المانيا، مثلا الأقلية المسلمة، تنظيم دروس لتعريف أطفال المسلمين بدينهم. وفي هذا العام وبعد تجارب كثيرة ستصبح لاية نورد راين فيسفاليا أول ولاية ألمانية تدمج تعليم الدين الإسلامي في مدارسها بصفة رسمية ، حيث إنها وضعت برامج ومقررات لتدريس الإسلام بالتعاون مع مؤسسات تربوية وحكومية وعدد من الجمعيات الإسلامية.

تدريس الإسلام باللغة الألمانية

في حديث لDW/ عربية مع الدكتور ألريش سايزار، المستشار المسئول عن تدريس الإسلام بوزارة التعليم والثقافة لولاية بافاريا حول تدريس الإسلام في المدارس الألمانية والأهداف، أجاب سايزار: "لقد تمت برمجة دروس التعريف بالإسلام في ألمانيا منذ الثمانينات من القرن الماضي في ولاية نورد راين فيستفاليا، وكانت "الدروس تلقى وقتها باللغة التركية، لأن أغلب العائلات كانت من أصول تركية".

وتجلت الأهداف المتوخاة آنذاك من تعريف أطفال المسلمين بدينهم في "تسهيل اندماج العائلات التركية في بلدانها الأصلية فور عودتها بعد انتهاء صلاحية عقود العمل في ألمانيا" ويضيف سايزار "إلا أن أغلب العائلات المهاجرة اختارت الاستقرار بشكل دائم في ألمانيا حتي بعد الحصول على التقاعد، مما دفع بالسلطات الألمانية إلى التفكير في تغيير لغة ومنهجية تدريس الإسلام في المدارس، ليتم اختيار اللغة الألمانية عوض اللغة التركية، نظرا لوجود تلاميذ جدد من أصول غير تركية".

تلاميذ مسلمون من أصول أجنبية

يبلغ عدد المدارس التي تتيح فرص متابعة دروس التعريف بالإسلام في ولاية بافاريا 250 مدرسة من مختلف المستويات، ويؤطرها 60 معلما ومعلمة. إحدى هذه المدارس هي مدرسة فوندربورغ بمدينة بامبيرغ شمال الولاية. DW/عربية انتقلت إلى عين المكان حيث تم استقبالها من طرف المدرس رمين مسرات وتلاميذه وهم من أصول مختلفة. بدأ رمين مسرات تدريس مادة الإسلام سنة 2009 وهو يتنقل أسبوعيا بين سبع مدارس في منطقة "فرانكن" للقيام بمهمته.

افتتح الأستاذ حصة اليوم بمراجعة درس الأسبوع الماضي وانتقل بعدها إلى ترديد دعاء ديني بشكل فردي ثم جماعي مع التلاميذ وقام بشرح مضامينه. وتم تخصيص ما تبقى من وقت الدوام لقراءة نص باللغة الألمانية حول قصة النبي موسى. أثناء الدرس يطرح التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم ما بين ثمان وعشر سنوات وهم ذكورا وإناثا أسئلة حول العقائد والمصطلحات والدلالات، خصوصا وأنهم ينحدرون من أصول أجنبية مسلمة بلغات مختلفة.

"هدفنا تلقين الأدب والأخلاق للتلاميذ وكذا احترام الآخر"

وفي معرض جوابه عن سؤال DW/عربية حول الأهداف من دروس الإسلام للأطفال يجيب مسرات: " أهم شيء نحاول تلقينه للتلاميذ هو الأدب والأخلاق"، ويضيف قائلا: "الصراعات والنزاعات التي تنشأ بين الأفراد والجماعات، وأيضا ظواهر أخرى كالكذب والسرقة، سببها قلة الأدب وغياب الأخلاق". ولا تقتصر دروس الإسلام على تلقين التعاليم الإسلامية للتلاميذ، بل يتم الانفتاح على الأديان السماوية الأخرى، في هذا الصدد يقول المدرس مسرات "نقدم أيضا دروسا حول الديانة اليهودية والمسيحية ونتحدث عن الأمور التي تجمعنا ونتشارك فيها ونحترم الاختلافات التي توجد بيننا، والتي توجد بين المسلمين أيضا".

خلال حصة اليوم التقت DW/عربية بعبد الغني اليازيدي وهو معلم متدرب. وعن أسباب اختياره للعمل في مجال تدريس مادة الإسلام أجاب قائلا: " عندما حضرت إحدى حصص الأستاذ مسرات أعجبتني منهجية تدريسه ، لأنه يركز على البعد الأخلاقي والإنساني وهو ما نحتاج إليه في بلاد الهجرة". ويواصل اليزيدي القول معبرا عن رغبته في "المساهمة في تربية أبناء المسلمين تربية تقوم على التسامح والتعايش مع الآخر".

إقبال متزايد على دروس الإسلام

حسب تصريح الدكتور ألريش سايزار، فالاهتمام بدروس الإسلام في المدارس الألمانية في تزايد مستمر، والوزارة تتوصل بردود أفعال إيجابية من آباء وأولياء أمور التلاميذ. وهم يحضرون أحيانا لمتابعة سير العملية التعليمية. من جانبه أشار أستاذ مادة الإسلام مسرات إلى أن آباء وأوليا التلاميذ يرحبون بنتائج الدروس. كما صرحت الأم حياة قيدو أنها سعيدة بتقديم دروس الإسلام في المدرسة وقالت: "أنا مسلمة ومتزوجة من ألماني وسأسجل أبنائي في مدرسة يتم فيها تدريس مادة الإسلام، لأن تربية البيت وحدها غير كافية، فأنا لا أريد أن يصاب أبنائي بصدمة ثقافية عندما نذهب إلى المغرب أو إلى بلد إسلامي آخر. أريد أن يفهموا العقائد والتقاليد الإسلامية فهما صحيحا وبشكل متفتح".

"دروس المدرسة تكمل عمل الجمعيات والمساجد"

من جهته يثمن محمد شيتندر، مدير الجمعية الإسلامية التركية، في لقاءه مع DW/عربية التوجه الحكومي المرحب بتدريس الإسلام في المدارس . كما لايرى في ذلك منافسة لعمل الجمعيات والمساجد، بل يعتبره "عملا تكميليا للتربية التي يتلقاها التلاميذ في الأسرة والمساجد والجمعيات".

بعد نهاية حصة التدريس سألنا التلاميذ عن رأيهم في دروس مادة الإسلام، فعبروا جميعا عن سعادتهم لذلك لأنهم الآن في نفس الوضع التعليمي مثل غيرهم من التلاميذ المسيحيين مثلا. وعند الحديث عن أحلامهم فإنهم يريدون أن يصبحوا في يوم ما مدرسين وأطباء أو مهندسين.

31-05-2012

المصدر/ شبكة دوتش فيله

مختارات

Google+ Google+