الإثنين، 13 مايو 2024 12:55

بيروت- أمين معلوف وتأثير بلدي المنشأ والإقامة

الأربعاء, 11 يوليوز 2012

حمل أمين معلوف ذاكرته الشرقية وحط رحاله في فرنسا، حيث أنجز إبداعات مكنته من نيل جائزة عالمية هي جائزة غونكور، ومن دخوله مؤخرا إلى الأكاديمية الفرنسية التي تخصص لعباقرة الفكر العالميين. وليس معلوف وحيدا في هذا المضمار، فقد سبقه عشرات المفكرين تاركين بلادهم إلى المغتربات، حيث سمحت لهم الظروف الجديدة بتحقيق تطلعاتهم في الكتابة الأدبية والفكر والاختراع.

لم يهاجر رعيل كبير بلده لو أتيح له فيه أن يحقق ما يريد، ولو بقي هؤلاء في بلادهم لما تمكنوا من صنع ما صنعوه في الخارج. غير أن كثيرين منهم يظلون يحملون ذاكرة بلادهم وقضاياها التي تلقي بثقل على أعمالهم، وتظل تشكل موضوعات لفكرهم وأدبهم.

ربما تتعدد الحالات وتتنوع، لكن أمين معلوف يطرح إشكالية تتجلى في التساؤل المطروح: من كان تأثيره أكبر عليه، بلده الأم -الشرق- أم بلد الإقامة فرنسا؟ واستطرادا: لماذا قصد فرنسا فكان تأثيرها عليه دون أن يختار إقامة أخرى؟

بلد المنشأ

يرى أستاذ الأدب الفرنسي في الجامعة اللبنانية جبور الدويهي أن بلد المنشأ كان هاجسا لمعلوف وحاضرا في كل أعماله، وقال للجزيرة نت إن "الرواية التي نال (معلوف) عليها جائزة غونكور تحكي عن تاريخ لبنان في القرن التاسع عشر، وهي سيرة ضيعته وأهله، ولبنان موجود في كل عمله، والخطاب الذي ألقاه كان كله عن بلده".

ويعتقد رئيس لجنة جبران خليل جبران الوطنية السابق أنطوان طوق أن "لبلد المنشأ تأثيرا كبيرا على الكاتب، حتى لو لم يقدم له بلده الظروف الملائمة لتحقيق إبداعاته".

وصرح طوق للجزيرة نت بأن "بلده ألهمه مادة فكره من خلال همومه وهواجسه، وهو استطاع أن يطورها ويعطيها بعدها الإنساني فكان أدبه عالميا".

ويلمس أستاذ الفلسفة في الجامعة اللبنانية مصطفى الحلوة ترابطا بين بلدي المنشأ والإقامة، خصوصا عندما يتناول الحديث لبنان وفرنسا.

ويقول للجزيرة إنه "في عداد القضايا الثلاث التي طرحها أمين معلوف أمام الأكاديمية الفرنسية، ثمة قضية لافتة جدا، ومآلها رفضه لربط مظاهر ونتائج العلاقة الثقافية بين لبنان وفرنسا -والتي هو إحدى محصلاتها- بالمرحلة الاستعمارية الانتدابية (1920-1946)، بل إنه يذهب إلى أن هذه العلاقة هي حصيلة قرون من الجهود المتبادلة بين البلدين".

بلد الإقامة

لبلد الإقامة دور هام في عمل الكاتب، ولولا ذلك لما اتجه المفكرون إليه حيث يجدون مساحات من التطور والحرية التي لا تتيحها بلادهم، لكنها تشكل الشرط لتطورهم الفكري والكتابي بعامة.

ويلحظ الدويهي أنه "رغم العدد الكبير الديمغرافي للعرب، فإن الأدب الفرنكفوني أكبر من الأدب العربي الذي يترجم قليلا، وحضوره الدولي أضعف، ومعلوف باختياره فرنسا استطاع أن يخترق هذا الهامش".

ويشكل واقع بلد ما عامل تراجع أو تشجيع للكتاب والمؤلفين، ويلفت طوق إلى أن "المطالعة قليلة في البلدان العربية، وأكبر روائي عربي يبيع عددا محدودا من مؤلفاته، في حين أن الذين عندهم ازدواجية لغة يتاح لهم انتشار أوسع، لأنه في الخارج، شعوب اللغات التي يكتبون بها تقرأ، والملكية الفردية محفوظة أكثر من بلداننا".

ويخلص المتحدث نفسه إلى أن الكتاب العرب الذين كتبوا باللغات الأجنبية لو كتبوا بالعربية فقط "لما عرفوا وانتشروا، مع استثناءات قليلة مثل نجيب محفوظ".

أما لماذا فرنسا بالتحديد لدى معلوف، فيستنتج الحلوة أنه "إذا كانت البيئة تشكل حاضنة لأي إبداع أدبي، فلا شك أن فرنسا وفرت المدى الذي راح فيه فكر أمين معلوف بعيدا". ويقدم الحلوة مثلين على ذلك بالشاعرين جورج شحادة وصلاح ستيتية، لافتا إلى العديد من الروائيين اللبنانيين الذين يمموا شطر فرنسا، وهم يقدمون الدليل الواضح على "التشبّع التاريخي للفكر اللبناني بالقيم الفرنسية وبتجليات الإبداع الفرنسي على الصُعد الأدبية".

وخلص الحلوة إلى أن فكر معلوف كان "جسر تواصل بمحمولات مشرقية إلى فضاءات الحضارة الفرنسية، وقد كان تماهيا بين حضارتين أنتج فكرا إنسانياً باقيا على الدهر".

11-07-2012

المصدر/ الجزيرة نت

مختارات

Google+ Google+