السبت، 18 مايو 2024 06:56

برلين- الصحافيون المغاربة في الخارج غائبون عن إصلاح الإعلام

الإثنين, 08 أكتوير 2012

كيف يتصور صحفيو المهجر المغاربة مساهمتهم في النهوض بالمشهد الإعلامي المغربي؟ هذا ما حاولت الوقوف عليه من خلال استقراء آراء ثلاثة صحفيين مغاربة في المهجر أعضاء ملتقى الصحافيين المغاربة في الخارج. وردا على هذا السؤال قال محمد العلمي كبير مراسلي «الجزيرة» المعتمد في واشنطن قائلا بنوع من التوجس: «يبدو أنها مستبعدة حتى الآن وكان مثيرا بالفعل استبعادها كجهة اقتراحية أثناء التهييئ لخطة الإصلاح. لإن زملاء المهنة راكموا بالفعل تجربة يتعين الاعتزاز بها في مختلف قارات العالم وبلغات ووسط ثقافات متعددة وداخل مؤسسات متنوعة عريقة وحديثة وبامكانهم ولديهم الرغبة في ذلك». ينتشر عدد من الصحفيين المغاربة في كثير من وسائل الإعلام العالمية منها القنوات العمومية كـ«بي بي سي» و«الدويتشه فيله» و«فرانس 24» والفضائيات مثل «الجزيرة» و«العربية» و«سكاي نيوز» التي انطلقت مؤخرا. وهو ما جعل العديد منهم يكتسب خبرة كبيرة. أو كما صرحت حسناء الداودي المقيمة في باريس ومديرة موقع «أطلس إنفو» بقولها «العديد من الصحفيين المغاربة يعمل في مؤسسات ذات صيت دولي كبير. ومشهود لهم بمهنيتهم وكفاءتهم . ويمكن لوجهة نظرهم واقتراحاتهم أن تضاف إلى مجهودات زملائهم في المغرب».

إنه الرأي نفسه الذي تتبناه الإعلامية والكاتبة المغربية المقيمة في الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعمل ضمن طاقم «راديو سوا» فدوى مساط التي تعتبر مساهمة زملائها في المهجر «إضافة نوعية عن طريق الإدلاء بأفكارهم ووضع الخبرات الكبيرة التي اكتسبوها من العمل في غرف أخبار دولية رهن إشارة الجهات المسؤولة عن الإعلام في المغرب».

«طرح النقاش بهذه الحدة يعكس مستوى إعلامنا»

لا غرو أن النقاش الذي عرفه المغرب مؤخرا حول دفاتر تحملات القطب العمومي، يعتبر سابقة في تاريخ المغرب. تؤكد كل المؤشرات أن هذه القضية ستظل في الواجهة باستمرار لعدة أسباب تجعلها تحظى بالراهنية. ويعتبر محمد العلمي أن أبرز نقاط القوة في هذا النقاش هو «طرح الموضوع للنقاش العام وبهذه الطريقة الملحة والاستعجالية والشمولية والاهتمام العام الذي قوبل به هذا النقاش من خارج المهتمين بطريقة مباشرة بالقطاع يشكل يعكس مدى القلق العام من المستوى الذي وصل اليه القطب العمومي في بلدنا».

أما نقاط القوة في نظر فدوى مساط فتتجلى «في انخراط المنشغلين بقضايا الإعلام المغاربة سواء داخل البلاد أو خارجها في حوار حقيقي حول وضعية الإعلام العمومي في المغرب، و«انكشاف» الأقنعة التي كان يختفي وراءها كثير ممن يتباكون على حال هذا الإعلام من قبل... وتسريب أرقام تكشف عن «إعلام الريع» الذي تستفيد منها جهات تدافع باستماتة على «مكتسابتها» حتى تبقى دار لقمان على حالها».

«الإصلاح ليس نصوصا قانونية فقط»

الإصلاح في نظر العلمي «ليس نصوصا قانونية فقط، ولكن ارادة سياسية وشعبية لتوفير الظروف الملائمة للمهنيين من موارد بشرية ومالية وهوامش واسعة من الحرية لنقل آمال وألام المغاربة على شاشتهم التي يدفعون تكاليفها من جيوبهم في الاخبار والنقاش والترفيه».

إن التحدي الأكبر هو الانتقال من وسائل الإعلام «الرسمية»، إلى العمومية، من أجل تقديم منتوج مختلف عما ساد لحد الآن. أو ما ساد في الأنظمة الشمولية، حيث تكون المحطات الإذاعية والقنوات والوكالات و الجرائد، المملوكة للدولة، بوقا للنظام و بطرق و أساليب تشابه آلة التسلط و الهيمنة على الشعب.

يستحق المغاربة في نظر الاعلامية المغربية المقيمة في أمريكا فدوى مساط «إعلاما عموميا ينقل لهم الأحداث التي تقع في بلدهم ويفتح شاشاته وموجات إذاعاته لمختلف الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين والمدنيين بغض النظر عن انتماءاتهم وإديولوجيتهم وعدم إقصاء أي كان بدعوى مخالفته لتوجه «العام زين». لأنه اذا لم نتحدث عن مشاكلنا بالجراة والصراحة الضرورتين فقد يفعلها آخرون نيابة عنا باسلوبهم وعيونهم وطرق مقاربتهم التي قد تختلف وستختلف حتما عن معالجة اصحاب الشأن انفسهم. كما صرح صاحب كتاب يوميات العاصفة «كاتارينا مرت من هنا».

أي إعلام يريد المغرب ؟

من حسنات ما يعرف بالربيع العربي أنه أعاد طرح النقاش حول الاعلام على أجندة الاصلاحات في المغرب. هذه الاصلاحات التي توجت بمراجعة دستورية أقرت بالحق في الولوج إلى المعلومة. وهو أحد المطالب الأساسية للمهنيين الذين يتمنون ألا يتطلب تنزيله معركة أخرى طويلة الأمد. ففي ظل النقاش حول دفاتر التحملات وما أفرزته من حروب صغيرة وكبيرة، وما نجم عنه من تعيينات جديدة في الهاكا وخروج الصحفي رشيد نيني من السجن. في ظل هذا كله أعلن وزير الاتصال مصطفى الخلفي عن إصلاح قانون الصحافة تحت إشراف لجنة برئاسة العربي المساري. إنها خطوة في غاية الأهمية نظرا لما يتمتع به المساري من ثقة ومصداقية.

وفي هذا السياق نطرح سؤالا حول مصير الكتاب الأبيض وتوصياته التي كانت نتيجة حوار وطني تحت إشراف جمال الدين الناجي. حوار وطني كلف ملايين الدراهم مولها دافعوا الضرائب ولا أحد يعرف مصير هذا العمل. فهل يكون مصيرها هو مصير العديد من المناظرات أو كما جاء على لسان العلمي:

«تعقد مناظرات ضخمة وترصد لها الأموال والطاقات ويحتفي بها إعلاميا وتسوق على انها بداية الخلاص لكن حينما يأتي موسم إصلاحي آخر لاتتم العودة والاستفادة من مقررات تلك المناظرات الكبرى». وفي السياق ذاته تذهب الإعلامية مساط بقولها: «كل وزير يأتي إلى كرسي الوزارة يُجبُّ مجهودات الوزير الذي سبقه ويبدأ من الصفر.... وهكذا دواليك مع كل حكومة جديدة». لا يسعنا إلا أن نختم مع هذه الاشارة لمحمد العلمي: «المغاربة في الداخل والخارج يريدون رؤية انفسهم على شاشاتهم بطموحاتهم وبحراكاتهم الداخلية وبالقضايا الجدية التي يخوضونها. الواضح ان الاعلام المغربي أخفق اخفاقا ذريعا في نقل ما يعتمل داخليا».

ملتقى الصحافيين المغاربة في المهجر

يضم ملتقى الإعلاميين المغاربة بالخارج أزيد 180 صحفيى، يعملون في مؤسسات إعلامية موزعة على القارات الخمس. ويحاول كما يقول منسقه أنس بوسلامتي يكون في صلب، ما يجري، في الساحة الاعلامية ومواكبة المستجدات. لقد أصبح المنتدى قوة اقتراحية حقيقية بالنظر إلى عدد الكفاءات التي يضمها. كفاءات تنتظر إشراكها في مشروع إصلاح الإعلام بكل فروعه والاستفادة من خبراتها في مختلف الهياكل الخاصة بالمجال الإعلامي. وتزامنا مع النقاش حول دفاتر التحملات أصدر بيانا سجل فيه بارتياح إخراج دفاتر التحملات الخاصة بالقنوات العمومية إلى العلن» ودعا إلى نهج طريق الشفافية وتفعيل آليات الحكامة الجيدة في تدبير وتنزيل هذه الدفاتر.

كما طالب بادخال الإصلاحات الضرورية لواقع قطاع معتل ومقدمة لوضع السياسات العمومية في المجال السمعي البصري على قاعدة وضوح العلاقة بين الدولة ومرافق الإعلام العمومي لإعلام عمومي مواطن في خدمة الشعب ويرسخ قيم الحداثة والديمقراطية والتعدد والاختلاف ويحافظ على الهوية المغربية الغنية بتنوع روافدها.

وخلق آليات قانونية لمحاسبة المسؤولين بالنظر لعقود من سوء تدبير مؤسسات الاعلام العمومي الذي نتج عنه تحوله الى بيئة طاردة لعشرات المهنيين والكفاءات الإعلامية. بالاضافة إلى مطالبته بإحقاق حقوق الزملاء حسن الراشدي انس بنصالح محمد البقالي وعمر المخفي الذين حرموا من حقهم في العمل.

8-10-2012

المصدر/ عن جريدة الاتحاد الإشتراكي

مختارات

Google+ Google+