الثلاثاء، 21 مايو 2024 03:51

أثينا- مسلمو اليونان .. أقلية تعاني العنصرية والإضطهاد

الأربعاء, 13 فبراير 2013

تعاني الأقلية الإسلامية في اليونان من عنصرية واضطهاد من قبل السلطات لإجبارهم على ترك البلاد، ووضعت قوانين تضيق الخناق عليهم، مثل حرمة بناء المساجد،ومنع تعليم الأطفال المسلمون أكثر من ساعتين للدروس الدينية أسبوعيا.

وعند الاقتراب وتسليط الضوء على الأقلية المسلمة في اليونان نجد أن الحكومة اليونانية تتعمد تدمير كل التراث الثقافي الذي يعود للحقبة العثمانية بشكل ممنهج.

وللإسلام في اليونان تاريخ طويل، ترجع بداياته إلى أوائل القرن الثالث الهجري، وبالتحديد عام 210 هـ، حين قام المسلمون بغزو عدد من الجزر اليونانية.

وكان ذلك الفتح إيذاناً بدخول الإسلام إلى اليونان، وقد عاش الإسلام في اليونان فترات زاهية، حتى شكل المسلمون غالبية السكان ووصل عددهم إلى 68% من سكان البلاد، في فترة المد العثماني في اليونان قبل الحرب العالمية الأولى، لكن وبالنظر إلى الواقع الحالي، يبدو جليا ما حاق بالمسلمين من انتكاسات هناك، فتحولوا إلى أقلية لا تزيد نسبتها عن 1.3% من تعداد سكان اليونان.

وتعتبر فترة الحكم العثماني لليونان، أزهى فترات الإسلام هناك، حيث نشأ مجتمع إسلامي وانتشرت المساجد في كل مكان، لكن وفي القرن الثالث عشر الهجري، ناصرت الدول الأوروبية اليونان ضد تركيا.

استقلال اليونان

وبعد عدة حروب بين الأتراك واليونانيين تم استقلال اليونان عن الدولة العثمانية، وتم توقيع ما عرفت بمعاهدة " لوزان" لتبادل السكان بين الجانبين، حيث تم طرد المسلمين، وهاجر مئات الآلاف منهم إلى تركيا ليصل عدد المهاجرين المسلمين مليون و200 ألف مسلم ، ولم يتبق في اليونان من المسلمين، منذ توقيع الاتفاقية عام 1344هـ - 1924م، سوى 200 ألف نسمة فقط.

ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن، لم تزد أعداد المسلمين في اليونان سوى 50 ألف نسمة فقط، ليصبح إجمالي عدد المسلمين في اليونان اليوم 250 ألف نسمة فقط، وفقاً للإحصاءات الرسمية اليونانية، فيما تشير تقديرات أخرى غير رسمية إلى أرقام تتجاوز نصف المليون مسلم بإضافة أعداد المسلمين الأجانب في اليونان.

وبعد أن كانت اليونان تضم عددا كبيرا جدا من المساجد أيام الحكم الإسلامي، انخفض عددها إلى 300 مسجد، وهو العدد الذي ينخفض يوما بعد يوم، بسبب التقادم وعدم الصيانة، وتستحوذ مقاطعة تراقيا الغربية على العدد الأكبر، ففي مدينة كوموتيني عاصمة المقاطعة يوجد 14 مسجدًا، وفي رودس 5 مساجد، وهناك عدد آخر من المساجد في مقاطعة أيبروس في الغرب، وفي جزر بحر إيجة، وفي مقدونيا ويوجد الآن مشروع مسجد ومركز إسلامي في أثينا.

مشكلات وتحديات

ووفقا لموقع " رسالة الإسلام " يعتبر الفقر من أهم المشكلات التي يواجهها المسلمون في اليونان، مقارنة بالحالة الممتازة لليونانيين غير المسلمين الذين يعيشون في تركيا، ويعمل غالبية مسلمي اليونان بالزراعة، ومن محصولاتهم (القمح والشعير والعنب والزيتون) بالإضافة إلى الثروة الحيوانية، فيما يخلو قطاع التجارة والصناعة من وجود أصحاب عمل مسلمين.

وتكاد بعض المناطق تكون معزولة تماما عن الإسلام، مما يهدد بضياع هوية مسلميها، ففي تراقيا الغربية تفتقر بعض المناطق إلى الدعاة، خاصة تلك المحاذية لبلغاريا، وهي قرى جبلية من المناطق العسكرية التي يحظر فيها التجول.

كما يعاني المسلمون من عنصرية واضطهاد ممنهجيْْن من قبل السلطات اليونانية، لإجبارهم على الهجرة، فمثلا يحظر على المسلم أن يبيع أرضه أو مسكنه لمسلم مثله، ولا تسمح السلطات بالبيع إلا لليونانيين.

كما تحرم عليهم زيادة مساكنهم عن طابق واحد، وتحرمهم من بناء المساجد، واستخدام الوسائل العصرية في الإنتاج، ليظلوا متخلفين، لهذا يعيش المسلمون وضعا اقتصاديًّا متدهورًا، كما يمنع قانون التعليم في اليونان، تعليم أطفال المسلمين أكثر من ساعتين للدروس الدينية أسبوعيا.

وصدر ضد أكثر من إمام أحكام قضائية بالغرامة والسجن، وهو ما حدث مع "أبي يوسف صبي إمام" كوتيلي في تراقيا، بسبب قيامه بتعليم القرآن الكريم لأطفال المسلمين أيام الجمع، كما حكم على إمام آخر وهو الشيخ حافظ نيازي بالغرامة والسجن.

قانون يثير الجدل

وعلى جانب أخر من معاناة الأقلية المسلمة في اليونان، لا تزال تداعيات قانون بخصوص تعيين مدرسين مسلمين لتدريس القرآن الكريم لأبناء الأقلية المسلمة شمال اليونان، تتفاعل، حيث يطالب فريق من الأقلية بإلغائه، فيما تقول جهات أخرى إنه مناسب وليس فيه أي إشكال.

ووفقا للجزيرة نت كان القانون قد طُرح عام 2007 ولم يطبق، ثم طرح وأُقر من جديد منتصف الشهر الماضي في البرلمان اليوناني، لكن فريقًا من أبناء الأقلية -بينهم نوابها الثلاثة في البرلمان اليوناني- اعترضوا عليه، معتبرين أنه تدخل في شئون الأقلية.

المعلومات التي رشحت عن القانون تقول إنه يمكن للمدرسين المعينين تدريس القرآن للطلاب المسلمين في المدارس الحكومية، خلال حصة الأديان، في حال طُلب منهم ذلك، وهؤلاء سيتلقون رواتبهم من الدولة اليونانية.

كما ينصّ على تشكيل لجنة خماسية مكونة من المفتي الرسمي وموظف من وزارة التربية اليونانية وأكاديمي مختص في الدراسات الإسلامية ورجلي دين مسلمَين تعيّن الدولة أحدهما ويعين المفتي الآخر.

وكما كان متوقعاً، فقد اهتمت الحكومة التركية بالموضوع، حيث قالت معلومات صحفية إن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان طلب من نظيره اليوناني أدونيس ساماراس، العمل على إلغاء القانون، خلال الزيارة التي قام بها كلاهما مؤخراً للدوحة.

ومن جانبه قال حاجي عثمان، المنتمي إلى الحزب الاشتراكي (باسوك)، إن هناك أولويات أكثر إلحاحا بكثير من هذا التعديل، وهي حل مشكلة ضعف التعليم لدى التلاميذ من أبناء الأقلية، حيث يتعلمون في مدارسهم التركية واليونانية والعربية، وغالباً ما يكون لديهم صعوبات في متابعة دراساتهم في الجامعات اليونانية.

وأضاف أن من الأولويات كذلك لدى الأقلية حل مشكلة ازدواجية المفتين في مدينتي كسانثي وكوموتيني، حيث يطالب أبناء الأقلية بمنحهم حق انتخاب المفتي، كما يطالبون بانتخاب إدارة الأوقاف الإسلامية من طرفهم كذلك، معرباً عن اعتقاده أن القانون لن ينفذ في النهاية لأن الكثير من الاعتراضات صدرت ضده من داخل الأقلية وخارجها، كما أن اتفاقية لوزان بشأن الأقليات بين اليونان وتركيا تنص على حق الأقلية في إدارة شؤونها الداخلية.

قانون مناسب

أحد الأئمة المؤيدين للقانون اعتبر في تصريحات للجزيرة نت أن القانون مناسب تماماً لأبناء الأقلية، لأنه سيحسن أوضاع الأئمة في المنطقة، حيث لا يتمتع هؤلاء برعاية الضمان الاجتماعي الحكومية، وهو أمرٌ مهم جداً لأي مواطن في اليونان.

وقال الإمام الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الموضوع سياسي بامتياز، وإن هناك استغلالاً من عدة أطراف لحاجات الأقلية وقضاياها، معتبراً أن الكثيرين من المعترضين عليه خائفون على مصالح شخصية لا أكثر، كما اعتبر أن تدريس الدين في المدارس الحكومية اليونانية فرصة جيدة تتاح للمرة الأولى، وإن كان بعض المدرسين المعينين سيكونون دون المستوى.

أما دار الإفتاء في مدينة كوموتيني، فقد رفضت التعليق على القانون إلى حين نشره في الجريدة الرسمية، موضحة أنها في صدد التشاور مع الأئمة والمدرسين بخصوصه خلال الفترة الراهنة.

ويعتبر مراقبون أن خطوة الحكومة موجهة نحو تحجيم نفوذ القنصلية التركية في المنطقة، ودليل على الصراع على النفوذ هناك، حيث إن معظم مدارس تحفيظ القرآن هناك على علاقة بالقنصلية، فيما يحتفظ موالو الحكومة اليونانية بمدارس ومساجد أقلّ. ويتبادل الطرفان المؤيدان للسياسة التركية والسياسة اليونانية الاتهامات بتلقي أموال ومساعدة من القنصلية التركية والدولة اليونانية لتسيير المؤسسات التابعة لكل منهما.

ويطالب أبناء الأقلية الموالون للسياسة التركية بتمكين أبناء الأقلية المسلمة من انتخاب المفتين المسلمين وإدارات الأوقاف في المناطق الإسلامية بأنفسهم، فيما تقول الدولة اليونانية إن المفتين في العالم الإسلامي يتمّ تعينهم من الدولة ولا يتمّ انتخابهم، كما أن المفتي في اليونان لديه صلاحيات أخرى مدنية غير مهمة الإفتاء.

أغراض سياسية

وعلى صعيد أخر قررت الأكاديمية التربوية الخاصة بأبناء الأقلية المسلمة في يناير 2012 في منطقة ثراكي بشمال اليونان إنهاء نشاطها، تمهيدًا لإلحاق الطلاب بالأقسام التربوية في الجامعات اليونانية، قياسًا على ما يجري مع بقية الطلاب اليونانيين.

وجاء إغلاق الأكاديمية تحت دعاوى وقف جميع الفوارق التي كانت تمنع خريجيها من التوظيف، ومتابعة دراساتهم العليا.

وكانت الأكاديمية قد تأسست عام 1968 أيام الحكم العسكري في اليونان (1967-1973)، وكانت مخصصة لتأهيل المدرسين الذين يدرّسون أبناء الأقلية المسلمة في منطقة ثراكي، واختيرت مدينة سالونيك (500 كلم شمال أثينا) مقرا لها.

جدير بالذكر أن البرامج التعليمية في الأكاديمية تتضمن دروسًا تربوية، ودروسا في العلوم الطبيعية وعلم النفس واللغة اليونانية، كما تشمل تدريس اللغة التركية، التي تعتبر اللغة الأم لأبناء الأقلية المسلمة في منطقة ثراكي.

وفي أي المنتقدين فإن الأكاديمية وأداءها، أثارا مجالاً للجدل حول فعالية التعليم فيها، ومستقبل المتخرجين منها، ومدى ملاءمتها لمتطلبات وحاجات المدرسين في المنطقة.

ويقول المنتقدون إن أداءها متدنٍّ، وفرص خريجيها في التوظيف شبه منعدمة، لكن على الجانب المقابل فإن المدافعين عنها يرون أنها تقوم بعملها بالشكل المطلوب، وأن الانتقادات لا تخلو من أغراض سياسية.

13-02-2013

المصدر/ موقع محيط

مختارات

Google+ Google+