الأحد، 19 مايو 2024 02:39

تحقيق- ألمانيا تتجه نحو فتح أبوابها امام المهاجرين

الثلاثاء, 23 يوليوز 2013

لاقى عطا أوجرتاس وهو طبيب من اسطنبول ذو شارب كبير استقبالا طيبا عندما وصل الى المانيا هذا العام في دليل على تحول في المسلك في المانيا مع تقلص عدد السكان وندرة القوى العاملة.

ونظرا لنقص الاطباء في المانيا صدرت لاوجرتاس البالغ من العمر25 عاما تأشيرة لتعلم الالمانية خلال شهرين من الطلب الذي قدمه. وقال "مسؤولو الهجرة كانوا يعاملوني بلطف حقيقي".

على مدى عشرات السنين جرت العادة على تصوير ملايين السكان من ذوي الاصول التركية على أنهم عالة على المجتمع الا ان صناعا لسياسات باتوا يحاولون الان استرضاء الاجانب ويتعلمون أن يكونوا أكثر قبولا للأخر.

ونحو خمس السكان وثلث التلاميذ لديهم أصول غير ألمانية مما يعني تزايد نسبة هؤلاء من الناخبين.

ومع اقتراب الانتخابات في سبتمبر أيلول تتضح جيدا المواقف التي تبدلت في خطاب حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي لها لمستشارة انجيلا ميركل.

وقبل عشر سنوات عندما ارتفع معدل البطالة وكانت قوانين الهجرة صارمة كانت حملة حزب ميركل تركز على شعارات مثل "بناؤنا أولى من الهنود" لكنه الان أصبح يدعو الى "ثقافة الترحيب" بالمهاجرين.

وقال توماس ليبيج خبير الهجرة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "تبذل ألمانيا جهدا كبيرا لتشجيع الهجرة بسبب الوضع الديموغرافي الصعب الذي سيؤثر عليها أكثر من أي بلد اخر تقريبا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية".

وأضاف "هذا الكلام عن ثقافة الترحيب جزء من العملية الكاملة كيتكون دولة تصبح فيها الهجرة مسألة عادية".

ومع اقتراب البطالة من أدنى مستوى منذ اعادة توحيد شطري المانيا عام 1990 تواجه المانيا نقصا يبلغ 4ر5 مليون من العمال المهرة بحلول 2025 رغم محاولات للاستعانة بالمرأة وكبار السن.

وأظهرت بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن نحو 300ألف شخص خاصة من الاتحاد الاوروبي هاجروا الى المانيا عام 2011بزيادة نحو الثلث عن عام 2010. وأغلبهم من دول شرق اوروبا التي انضمت الى الاتحاد الاوروبي في 2004 مثل بولندا.

تشتهر المانيا بالعراقيل البيروقراطية التي تضعها أمام المهاجرين الذين يرغبون في تحسين مستواهم المادي.

ولم يتم تشجيع مئات الالاف من "العمال الوافدين" الذين جاءوا من إيطاليا واليونان وتركيا ودول اخرى في الجنوب في الستينات للمساعدة على اعادة بناء البلاد بعد الحرب العالمية الثانية على الاندماج في المجتمع وتعلم اللغة الالمانية لكن كثيرين فعلوا ذلك.

وخشية من البطالة خلال أزمة النفط في السبعينات أوصدت ألمانيا أبوابها وحاولت اعادة الضيوف الذين لم يعودوا موضع ترحيب.

بل ان تدفق طالبي اللجوء وذوي الاصول الالمانية من الاتحاد السوفيتي السابق في التسعينات وتحديات اعادة التوحيد جعلت المانيا أكثر عزوفا عن فتح الباب للهجرة. واستمرت القيود المفروضة على الهجرة من الاعضاء الجدد في الاتحاد الاوروبي منذ مطلع القرن الحادي والعشرين لفترة أطول من أي بلد اخر في الاتحاد.

قال بيتر كليفر وهو زعيم في اتحاد بي.دي.ايه للعمل //حولنا سلطاتنا الى حائط للنيران لعشرات السنين.. كنا نقول لها الا تجعل هؤلاء الناس يقتربون.. يريدون فقط الدخول في انظمتنا الاجتماعية...طلب منها ألا تكون ودودة.

لكن مع تحسن سوق العمل في المانيا منذ مطلع القرن الحادي والعشرين كان هناك نقص كما أن اجراءات لسد الفجوة مثل صفقات للاستعانة بعاملين في مجال القطاع الصحي من الصين والفلبين لم تكن كافية لسد النقص.

بدأت المانيا في التخفيف من حظر السفر وبدأت بالعاملين ذوي الكفاءات وألغت الحد الادنى للاجور الذي يحصل عليه العامل او حجم الاستثمارات بالنسبة للمستثمرين للسماح لهم بالهجرة.

ألغت المانيا هذا الشهر 40 في المئة من لوائح الهجرة وقللت من القيود بالنسبة للعمال من ذوي المهارات المتوسطة في قطاعات تعاني من نقص حاد مثل سائقي القطارات والكهربائيين.

وقال ليبيج من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية //هذه الثورة الصغيرة مرت مرور الكرام دون ان تلفت الانظار. وبالنسبة للعمال المهرة أصبح لدى المانيا الان واحدة من اكثر القوانين ليبرالية بين دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية البالغ عددها 34 دولة.

وهي تعمل على التعامل مع عائق اللغة من خلال تنظيم دورات تدريبية جديدة في الخارج ومساعدة الناس على الاعتراف بمؤهلاتهم حتى لا يضطر الاطباء للعمل في وظيفة سائقي سيارات الاجرة.

وهي تستقبل الاجانب للدراسة في جامعاتها والانضمام للبرامج التدريبية التي تلقى احتراما كبيرا مع التركيز على مناطق في جنوبا وروبا ترتفع بها بشدة نسبة البطالة.

استعانت بلدة ميندلهايم التي يبلغ معدل البطالة فيها 2ر2 فيالمئة أي منعدمة تقريبا بالاسباني جان ساباتر فيالس البالغ منالعمر 20 عاما للتدرب في مجال الفندقة.

وقال "من الواضح أن لدي فرص في المانيا اكثر من اسبانيا...أريد البقاء ثلاث سنوات أو أكثر".

ترتفع وتيرة الهجرة جدا لدرجة أن عدد سكان المانيا زاد في 2011للمرة الاولى منذ نحو عشر سنوات. لكن مقارنة بعدد السكان فما زالت تجتذب عشر أعداد المهاجرين فقط الذين يهاجرون لبلد مثل كندا الت يتتبع سياسة ترحب بالمهاجرين.

وما زال الكثير من جيل العمال الوافدين وأسرهم يشعرون بأنهم لا يلقوا ترحيبا خاصة غير الاوروبيين.

يبيع باريس يسيلداج /26 عاما/ البقلاوة في السوق التركية ببرلين ويقول انه ولد في المانيا لأبوين تركيين لكنه لم يتم قبوله قط كألماني. مضيفا "أمضيت الخدمة العسكرية التطوعية هنا.. لكن ضابطا قال لي اني أفعل ذلك من أجل المال وليس من أجل ألمانيا".

وفي حين أن اليمين المتطرف ضعيف سياسيا الا ان كراهية الأجانب ما زالت تتسرب الى المناقشات اليومية في المانيا.

على سبيل المثال حقق كتاب صدر في عام 2010 من تأليف تيلوساراتسين وهو مصرفي سابق في البنك المركزي الالماني ينتقد فيها لمسلمين ويصفهم بأنهم دعاة حرب أعلى المبيعات مما شجع بعض المحافظين على مهاجمة المهاجرين لانهم لم يندمجوا في المجتمع.

ويقول خبراء ان هذا العداء زاد حدة بسبب تدني وضع العمال الوافدين الذين وجدوا صعوبة في رفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي. ويلقي الكثير من الالمان باللوم في هذه المسألة على عدم رغبتهم في الاندماج. لكن في واقع الامر فان النظام المدرسي الذي لا يلقيدروسا الا لنصف اليوم الدراسي لا يساعد أبناء العمال الوافدين علىتعلم اللغة الالمانية وهذا ربما يعني لاحقا العمل في وظائف لا تتطلب مهارات.

وتقول الامم المتحدة ان المانيا تتلكأ في مواجهة مشكلة التمييز في مجالات مثل الاسكان وهو الامر الذي أدى الى جعل المهاجرين يعيشون في مناطق بعينها دون غيرها. كما أن المهاجرين لا يلقونا لتمثيل الكافي من حيث العمل في المناصب الحكومية والشرطة ووسائلالاعلام.

لكن ما من شك أن أحدث موجة من المهاجرين تواجه عراقيل أقل امام الاندماج الاجتماعي ومن أسباب ذلك بالطبع أن أغلبهم أوروبيون تلقوا قسطا راقيا من التعليم وحصلوا على مساعدة لتعلم اللغة.

بدأ المستشار الالماني السابق جيرهارد شرودر من الحزب الديمقراطي الاشتراكي حملة لجعل المجتمع أكثر قبولا للاخر بإصلاح قانون الجنسية الذي يعود الى عام 1913 لتمكين المهاجرين من الحصول على الجنسية. كما ساعد على وضع دورات تدريبية لتعريف المهاجرين على اللغة والثقافة الالمانية.

ويتعين على ميركل بذل جهد أكبر لاقناع المحافظين في حزبها الذين يتبنون عادة موقفا أكثر صرامة من المهاجرين لكن جهودها لمتحقق نتائج كثيرة. وقعت أربع شركات خاصة عام 2006 على "ميثاق التنوع" والآن أصبح هناك 1500 توقيع.

وفي مراسم نظمت في برلين حصل رجال ونساء من جميع أنحاء العالم من نيجيريا الى الصين على وثائق الجنسية.

ومن بينهم كارولينا كروليكا (22 عاما) وهي طالبة جامعية تدرس الحقوق تبلغ من العمر 22 عاما وتتكلم بلكنة أجنبية قليلا. وصلت الى المانيا مع أسرتها قبل سنوات وتريد البقاء.

ارجعت كروليكا الفضل الى الدستور الالماني خلال هذه المراسم التي توجت بغناء النشيد الوطني.

من ساره مارش لوكالة روترز للأنباء

مختارات

Google+ Google+