الأحد، 19 مايو 2024 02:18

ماماي .. العالِم المغربي الذي نذر نفسه لمحاربة السرطان

الثلاثاء, 02 دجنبر 2014

من المغرب الشرقي، انطلقت مسيرة العالم المغربي أحمد ماماي، الذي ولد سنة 1967 بقرية صغيرة تسمى "مستكمر"، والتي توجد على بعد 90 كيلومتر من مدينة وجدة جهة الغرب.

أحمد ماماي تابع في قريته الصغيرة تعليمه الابتدائي، وفي مدينة العيون سيدي ملوك المعروف بـ"العيون الشرقية" واصل تعليمه الإعدادي، ثم انتقل إلى مدينة مكناس لإكمال دراسته الثانوية، وتحصل هناك على شهادة الباكالوريا شعبة الكيمياء الصناعية بثانوية مولاي إسماعيل.

مسار أحمد ماماي سيستمر بالعاصمة الإسماعيلية، حيث حاز بها سنة 1990 على الإجازة في الكيمياء بجامعة مولاي إسماعيل، ومنها توجه إلى فرنسا ليحصل على شهادة الدكتوراه في الكيمياء العضوية بجامعة أورليون سنة 1997.

رغبة أحمد ماماي في تحصيل العلم لم تتوقف بحصوله على شهادة الدكتوراه، بل قرر السفر إلى الولايات الأمريكية المتحدة، ليلتحق بجامعة بينسيلفانيا، بمدينة فيلادلفيا، حيث تابع أبحاثه ودراساته ما بعد الدكتوراه سنة 1998، ومنها التحق بجامعة فيرمونت بمدينة "بيرلينكتون" كآخر محطة أنهى بها مسار الدراسات ما بعد الدكتوراه، في تخصص الكيمياء العضوية سنة 2001.

مسار مهني متألق

دبلومات وشواهد أحمد ماماي مكنته من الحصول سنة 2002 على وظيفة بكارولين الشمالية، كباحث في مؤسسة الصيدلة Scynexis، حيث لعب دورا أساسيا في التعاون مع شركة "Merck" لتطوير مادة تحارب عدوى المستشفيات.

هذه المادة تصيب رواد المستشفيات، ويتأثر بها أكثر ذوو أنظمة مناعة صحية ضعيفة، كما تم تعريفها بـ " SCY-078"، وقد بلغت مراحلها الأخيرة في الدراسات الصحية قبل التسويق.

واشتغل العالم المغربي على برنامج مخصص للبحث عن أدوية للأمراض المعدية، وانصب اهتمامه على البحث عن إيجاد أدوية لالتهاب الكبد "إيباتيت سي، hépatite c".

ويقول أحمد ماماي، في حديثه لهسبريس، إن هذا المرض خطير جدا، وقد يمكث داخل الجسم مدة عشرين سنة قبل ظهور أعراض تمكن من التعرف عليه، حيث يعتبر تحاقن الدم المصدر الرئيسي لهذا المرض، خصوصا خلال ثمانينيات القرن الماضي.

وكثر في تلك الفترة الزمنية استعمال المخدرات الصلبة بواسطة الإبر، وكانت الإبرة الواحدة تفي بالغرض لعدد كبير من المتعاطين للمخدرات، ولم يكن العلم في تلك الفترة متطورا بما يكفي لاكتشاف أدوية فعالة ضد التهاب الكبد.

وتوصل باحثون إلى اكتشاف أول مادة أثبتت فعاليتها أطلق عليها إسم "Sofosbuvir "، فيما وصل البرنامج الذي يشتغل عليه ماماي لمحاربة " L'hépatite C " إلى المراحل النهائية، وأبان عن نتائج جد مشجعة، توحي بقرب إمكانية تسويقه لعلاج المرضى في العالم.

سنة 2009 التحق العالم المغربي أحمد ماماي ب "مؤسسة أونتاريو للبحث في أمراض السرطان"، والتي تأسست سنة 2005 تحت إسم "Ontario institute for cancer research" وهي من أهم مراكز البحث العلمي في العالم، حيث تهتم بمختلف أنواع أمراض السرطان، وتشتغل بشراكة مع عدة جامعات كندية، أوروبية وأمريكية.

ويتكفل أحمد ماماي داخل هذا المركز، بالبحث عن أدوية لبعض أنواع السرطان المستعصية، موضحا أن بعض الأدوية التي تم اكتشافها لا تشفي إلا نسبة ضئيلة من المرض قد تتراوح بين 10 إلى 20 في المائة، مبرزا أن مهمته تكمن في إيجاد أدوية تتغلب بشكل كامل على مرض السرطان، وتقتلعه من جذوره.

وينصب اهتمام العالم المغربي على خلايا جذعية سرطانية (Cancer Stem Cells)، تعتبر المسؤولة عن مقاومة الأدوية، أو عودة الإصابة بعد الاستشفاء منها، حيث يسعى إلى قطع التفاعل بروتييين - بروتييتن الذي يعتبر المسؤول الرئيسي عن عودة نشاط العديد من أمراض السرطان.

ويسترسل المتحدث أن مؤسسة أونتاريو للبحث في أمراض السرطان وبتعاون مع جامعة أوتاوا، بصدد تطوير استعمال فيروس " Oncolytique Maraba " لمحاربة السرطان، حيث يتم تلقيح المريض بهذا الفيروس، ليقوم بتدمير الخلايا السرطانية دون المس بالخلايا الأخرى.

ولفت ماماي إلى كون العديد من مراكز البحث العلمي تتخصص في إيجاد أدوية تحظى بطلب كبير لتحقيق أرباح أكثر، بينما يختص المركز الذي يعمل فيه، في البحث عن أدوية لأمراض قليلة الانتشار لا تعيرها مختبرات علمية أخرى اهتماما كبيرا.

الوالدان والوطن

ولم يفت ماماي توجيه الشكر الجزيل لوالديه، اللذان حرصا على مساعدته رغم الإمكانيات المادية المتواضعة، ويضيف "لم أبلغ ما بلغته لأنني إنسان متفوق، ولكن لأن الله يسر لي فرصا في الحياة لو أتيحت للكثير من المغاربة لحققوا أكثر مما حققت".

وبخصوص علاقته بالوطن الأم، يقول ماماي: "أنا ممتن كثيرا لوطني المغرب، فهو الذي منحني أسس النجاح، وحلمي كما هو حلم العديد من أبناء الوطن، أن أستطيع يوما نقل خبرتي إلى وطني، من خلال إنشاء مركز بحث عالمي متخصص في أمراض السرطان وأمراض مزمنة أخرى ".

وأما بخصوص علاقته بعلماء مغاربة آخرين ببلدان أمريكية وأوروبية، يقول أحمد ماماي، "أتمنى أن نتمكن من التعاون مع نظرائنا في المغرب، للمساهمة في تطور البحث العلمي بخصوص أمراض السرطان".

العالم المغربي لم يفته تقديم الشكر لجريدة هسبريس، والتي يعتبرها نافذة للاطلاع على ما يحدث في المغرب والعالم.

عن موقع هسبريس

مختارات

Google+ Google+