الجمعة، 17 مايو 2024 06:46

"ما في عربي" .. أو عندما تهدد العمالة الاجنبية لغة الضاد

الأربعاء, 10 دجنبر 2014

"ما في عربي" هذه اللازمة يعرفها كل الاسيويين المقيمين في قطر والذين يشكلون أغلبية العمالة الوافدة على قطر حيث عدد السكان يتجاوز المليونين بين سكان أصليين ومقيمين ، وهي تعني أن عليك ألا تحاول استعمال العربية فهي غير مفهومة.

أينما توجهت في الدوحة ، تلتقيهم هناك في كل مكان ، من سائق سيارة الأجرة إلى سائق الحافلة وأغلب العاملين في المؤسسات والمرافق التجارية وغيرها ستصدك "ما في عربي" فلا داعي للمحاولة، وإن دخلت لمتجر قد تفاجأ أن مديره وأغلب العاملين هم من جنسية هندية ولا حديث إلا بها حتى لتخال نفسك أنك في دار سينما تتفرج في فيلم هندي لكن هذا فيلم الواقع.

ويشكل الهنود أغلب الجاليات الأسيوية يليهم السريلانكيون والنيباليون والبنغاليون والأفغان والاندونيسيون وجنسيات أسيوية أخرى أقل فضلا عن عمالة من بعض الدول العربية والإفريقية. هذه العمالة الاسيوية لا تتكلم إلا القليل من الانجليزية ولغتهم الاصلية كما يتفاهمون باللغة الأوردية المنتشرة في الهند وبعض الدول المجاورة.

داخل سيارة أجرة لصاحبها (ح.) - افغاني- سألته لماذا لم يتعلم العربية رغم 20 سنة إقامة في قطر أجاب متلعثما بعربية جد ركيكة أنه لم يكن مضطرا لتعلمها لأنه يتعامل مع زبناء أغلبهم من دول أسيوية يتفاهم معهم دون ما حاجة للغة العربية .

وقال إن زبناءه هم من غير القطريين وتكفيه جمل إنجليزية "ركيكة" ليتفاهم مع زبناء الجاليات التي تقيم في البلاد وأحيانا مع بعض السياح.

وقال سائق آخر قضى فقط خمس سنوات في قطر إنه فكر في أمر تعلم اللغة لكن الممارسة اليومية جعلته يعدل عن الفكرة لأنه يتفاهم مع أبناء جلدته في الحد الادنى وذلك يكفيه "شر تعلم لغة صعبة" حسب قوله.

هذه الاشكالية المعضلة أصبحت مع الايام تقلق بال أصحاب البلد فيقول البعض إن من شأن التفريط في لغة الضاد التأثير على العادات والموروث اللغوي للناس . وفي هذا الصدد حذرت كاتبة في مقال نشرته صحيفة قطرية مؤخرا من تفشي هذه الظاهرة وبقائها دون معالجة وقالت إن "ما في عربي" تجدها أينما حللت و"تصفعك" و"تنسيك أنك في بلدك لغتها الرسمية هي العربية".

وأشارت إلى تذمر عامة الناس خاصة كبار السن رجا لا ونساء ممن لا يتمكنون من التحدث بلغة أجنبية محذرة من أن البعض يعرف اللغة العربية المحكية ويتجاهلها "استخفافا واستهتارا بلغة البلد".

وتساءلت لماذا لا تفرض الجهات الرسمية المختصة شرط الحديث باللغة العربية ضمن بنود عقود التعاقد مع هذه العمالة حتى "نؤسس لمستقبل يضمن للغة العربية حقها من الانتشار" و"يزيل الهم عن كاهل المواطنين الذين لا يجيدون إلا لغة بلدهم". و قالت إن عدم إتقان هذه العمالة للغة الانجليزية نفسها أصبحت هذه اللغة لا هي إنجليزية ولا هي عربية بل لغة ثالثة هجينة .

واعتبرت أن العمالة الاجنبية أثرت كثيرا في العادات وتقاليد وسلوكات عامة الناس وجاء الآن دور اللغة العربية "لتشوه على أيدي هذه العمالة مما يستوجب التنبه لهذا الخطر ، والكل مسؤول" في هذا الصدد.

وبالفعل لم يعد الامر مسألة تواصل بقدر ما هو إشكال خطير يتعلق بالهوية الوطنية وهذا ما تنبه إليه مسؤولون خليجيون حيث المشاكل متشابهة في الخليج الذي أصبح قبلة العمالة الاجنبية والادمغة أيضا. وفي هذا الإطار يقول الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي حمد العطية (قطري) إن من بين التحديات المطروحة على قادة دول الخليج (الذين يلتقون اليوم في قمة عادية بالدوحة) مسألة الهوية التي تتهددها العمالة الاجنبية. وقال إن الهوية تواجه تحديات عديدة في مقدمتها العمالة الوافدة وقال إن نسبة هذه العمالة المرتفعة في المكون السكاني وبخصائصها الثقافية تشكل هجينا وجوديا يهدد الهوية الوطنية في بعض دول المجلس.

هذه القضية إذن لم تعد مسألة ثانوية كما كان ينظر إليها من قبل بل أصبحت مسألة تؤثر سلبا على الهوية الوطنية لدول الخليج التي انتبه مسؤولوها للأمر غير أن المعالجة لن تكون بالسهولة خاصة أن اقتصاديات هذه الدول تعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة خاصة الأسيوية منها.

عن موقع هسبريس

مختارات

Google+ Google+