السبت، 18 مايو 2024 05:55

هكذا تبدد جاليات مسلمة غربتها في رمضان بالسويد

الجمعة, 10 يوليوز 2015

تقع بلدية "يوزدال" في محافظة "يافلبوري" وسط السويد، بلدة صغيرة في منطقة ذات مساحة كبيرة، ويعتمد اقتصادها بالأساس على الثروة الغابوية، حيث تغطي الغابات جل أراضيها.

قبل بضع سنوات، لم يكن يتجاوز عدد مسلمي "يوزدال" عدد أصابع اليد؛ أما اليوم، فرغم عدم وجود أية إحصائيات رسمية حول عدد المسلمين في هاته البلدة، لأن القانون السويدي يمنع إحصاء الناس حسب الدين، فيمكن القول إن عددهم يقدر بحوالي مائتي نسمة.

هجرة المسلمين

أبو زكريا، مغربي من أوائل المسلمين الذين حلوا بهذه البلدة، يعمل أستاذا ونائبا في المجلس البلدي ليوزدال وكذلك رئيسا لجمعية الصداقة والاندماج، يحكي كيف حصل هذا التطور في عدد سكان مسلمي يوزدال، وكيف يعيشون هناك:

وفي تسعينيات القرن الماضي، شهدت بلدية يوزدال هجرة مكثفة إليها من طرف مسلمي البوسنة والهرسك نظرا لظروف الحرب في البلقان آنذاك، لكنهم سرعان ما هاجروا جنوبا في اتجاه المدن الكبيرة كالعاصمة استوكهلم، يوتبوري ومالمو، بحثا عن فرص للعمل وجو أفضل.

في سنة 2003 عقدت بلدية يوزدال اتفاقا مع الحكومة السويدية شرعت بموجبه هاته البلدية في استقبال اللاجئين مباشرة من مخيمات اللاجئين الموجودة في مختلف بلدان العالم، بمعدل حوالي 60 لاجئا في السنة، فكان أول من استقبلتهم يوزدال عائلات من مسلمي دارفور وجبال النوبة، إضافة إلى بعض مسيحيي جنوب السودان. بعد ذلك، جاء الدور على بورما، العراق، أفغانستان، الصومال واريتريا...

كما شهدت السويد خلال السنوات الثلاث الأخيرة، تدفقا كبيرا في عدد طالبي اللجوء السوريين، نظرا لظروف الحرب هنالك، ويوزدال كأغلب بلديات السويد فتحت أبوابها للسوريين وأقامت عدة مراكز إيواء لهم.

أداء الشعائر الدينية

ويحاول مسلمو تلك المدينة الصغيرة من المهاجرين الحفاظ على عاداتهم وتقاليدهم الاسلامية والقيام بواجباتهم الدينية بدون قيود، لأن القانون السويدي يكفل الحرية الدينية، والمواطن السويدي بصفة عامة يحترم ديانة ومعتقدات الآخرين .

ورغم حرية المعتقد التي يتوفرون عليها، يجد مسلمون تلك البلدة صعوبة كبيرة في القيام بشعائرهم الدينية على أكمل وجه. إن أكثر ما يشعر المسلمين هنا بالغربة وقلة الحيلة هو ما يحصل في رمضان المبارك، فكلما اقترب هذا الشهر الكريم إلا وكثرت الأسئلة حول موضوع المسجد والإمام.

ويوجد أقرب مسجد بمدينة "يافلة" التي تبعد عن يوزدال بمائتي كيلومتر، حيث تم شراء كنيسة قبل بضع سنوات بمساهمة من شخص من دولة قطر وتحويلها إلى مسجد لمسلمي يافلة.

يحاول مسلمو يوزدال جمع بعض المال خلال شهر رمضان رغم ظروفهم المادية الصعبة، حيث إن أغلبهم يعيشون بالمساعدات الاجتماعية، ويتم إيجار غرفة في مكان ما، غالبا ما يكون مرأبا تحت بناية ويتم تجهيزه بتجهيزات بسيطة كي يبدو كمسجد يليق بذكر الله فيه، ثم يتطوع أحد الناس بالإمامة بالمصلين.

وبالإضافة إلى غياب المسجد، وصعوبة إيجاد مورد مادي قار لإيجار أي مكان للصلاة خلال كل السنة، وليس فقط في رمضان، هناك صعوبة الصيام في فصل الصيف كما هو الحال في هاته السنة التي يصادف فيها شهر رمضان أطول أيام السنة في السويد.

وكلما اتجهنا إلى شمال السويد كلما ازدادت ساعات اليوم، إلى أن ينعدم الليل في مدن كـ"كيرونا" الواقعة في أقصى شمال السويد. أما في يوزدال فإن المغرب يكون حوالي الحادي عشرة إلا ربع والفجر حوالي الثاني إلا ربع.

المسلمون هنا يحاولون ما أمكن أن يقوموا بشعائرهم الدينية خاصة الصيام رغم طول ساعات النهار، وهناك أقلية ارتأت أن تأخذ ببعض الفتاوى القائلة بجواز الصيام تبعا لتوقيت السعودية أو أقرب دولة مسلمة.

حياة يومية

ويحاول المسلمون من جنسيات مختلفة أن يكونوا ملتحمين أكثر خلال رمضان، فبعد ساعات تعلم اللغة أو العمل أو التدريب على العمل، يجتمعون مع بعضهم البعض ويناقشون بعض المواضيع التي تخص حياتهم الاجتماعية اليومية، بالإضافة إلى مواضيع حول واقع البلدان العربية.

ويفضلون اللقاء بعفوية لدى المتجر الدمشقي الذي فُتح حديثاً من طرف أحد السوريين، حيث يتبضعون ويشترون ما يلزمهم من حاجيات يزينون بها موائدهم، وهي أغراض ومنتجات عربية لا يمكن إيجادها في المحلات السويدية، علما بأنه قبل افتتاح هذا المتجر كان المسلمون يقطعون مسافة مائتي كيلومتر إلى مدينة "يافلا" كي يشتروا ما يلزمهم في رمضان.

والبعض الآخر من المسلمين وغيرهم من المهاجرين طالبي اللجوء يفضّلون قضاء الوقت في "نادي جمعية الصداقة والاندماج"، حيث التلفزيون مجهز ببعض القنوات العربية، إضافة إلى وجود أجهزة الحواسب والإنترنت مجانا لكل الراغبين في استعمالها للتواصل مع بلدانهم وأحبائهم في هذا الشهر الكريم.

في المساء، وقبل وقت الفطور تفضل الأغلبية الخلود والراحة قليلا. وهناك من يشتري بعض الألبسة المستعملة بأسعار رمزية أو يفضّل أن يجلس و يجري أطراف الحديث مع الآخرين أو للاستشارة في بعض المواضيع الشخصية، وهناك من يفضل الخلود للنوم أو الاستراحة، بينما تنبري النسوة ومن يساعدهن من الذكور في تحضير مائدة الفطور التي يحرص غالبية المسلمين أن تكون ـ ما أمكن ـ كما عهدوها في بلدانها.

وغالباً ما يقوم المسلمون ـ بغض النظر عن جنسياتهم ـ بدعوة بعضهم البعض إلى الفطور، حتى لا يشعروا بالغربة، إذ تكون مائدة الإفطار معدّة بالطريقة المألوفة حسب البلد الأصلي لكل مهاجر، كما يقومون بأداء الصلاة جماعة في أحد البيوت لضيق الوقت بين وقتي المغرب والفجر.

عن موقع هسبريس

مختارات

Google+ Google+