معرض "أصداء" بمراكش يجمع لأول مرة 15 فنانا من مغاربة العالم

الخميس, 23 شتنبر 2010

ستكون مدينة مراكش ابتداء من يوم الخميس 7 أكتوبر على موعد مع معرض "أصداء، فنانون مغاربة من العالم" الذي ينظمه مجلس الجالية المغربية بالخارج تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وذلك في إطار المعرض الدولي الأول للفن العصري المعاصر بالمغرب، "معرض مراكش الفني" Marrakech Art Fair .

ويهدف هذا المعرض الذي يشكل سابقة من نوعها، إلى تقديم أعمال، خمسة عشر فنانا من أصل مغربي معروفين على الصعيد العالمي : عزيزة العلوي (المكسيك)، وفاء أحلوش الكرياستي (هولندا)، محمد الزبيري (الولايات المتحدة)، شروق حريش (فرنسا)، شريف بنحليمة (بلجيكا)، فؤاد بلمين (فرنسا)، هشام بن أحد (فرنسا)، محمد الباز، (فرنسا)، ليلى السعيدي (الولايات المتحدة)، منير الفاطمي (فرنسا)، بشري خليلي (فرنسا)، نجية المهادجي (فرنسا)، مالك نجمي (فرنسا)، إلياس السلفاتي (إسبانيا)، عبد الرحيم يامو (فرنسا).

كما يراهن معرض "أصداء" الذي سيستمر بمتحف مراكش إلى غاية 7 دجنبر 2010، على تسليط الضوء على الروابط الجغرافية والثقافية وكذا العاطفية التي تميز إبداعات هؤلاء الفنانين الذين استطاعوا بمختلف الوسائل التعبيرية (لوحات، صور، أشرطة فيديو، صور فوتوغرافية) خلق أعمال تربط بين ثقافاتهم، وتبرز صدى التداخل الإبداعي بين المغرب والعالم.

وسيرافق هذا المعرض، تقديم دليل حول المعرض باللغتين العربية والفرنسية، بالإضافة إلى شريط وثائقي حول الفنانين المشاركين، سيتم عرضه في متحف مراكش.

وسشرف على الإدارة الفنية لمعرض "أصداء"  إبراهيم العلوي، وهو المدير الفني لمعرض مراكش الفني، ومهندس ثقافي، من أبرز الأسماء على الصعيد الفني، حيث سبق أن أدار متحف معهد العالم العربي بباريس، لعشرين سنة، نظم خلالها العديد من المعارض الفنية.

كما انه عضو اللجنة الاستشارية للأعمال الفنية التابعة لليونسكو، وعضو بالجمعية الدولية لنقاد الفن AICA، ومستشار خبير لدى العديد من المؤسسات والمنظمات الفنية.

لتحميل البلاغ الصحفي اضغط هنا

فيما يلي ومضات من  المسارات الحياتية والإبداعية للفنانين المشاركين في معرض "أصداء" :

عزيزة العلوي

ولدت سنة 1966 في الدار البيضاء بالمغرب.

تقطن وتعمل في بويبلا بالمكسيك.

 

بالرغم من أن عزيزة العلوي ظلت مرتبطة بشكل كبير بالمغرب مسقط رأسها؛ إلا أن الترحال ظلَّ السمة المميزة لمسارها الفني بدون منازع. ولدت من أم ألمانية وأب مغربي، عاشت في فرنسا قبل أن ترحل إلى المكسيك حيث ستستقر ابتداء من سنة 1992. إن طابع حوار الثقافات  المميز لمسارها الشخصي أصبح بحق مصدر إلهام لإبداعها، حيث يطغی الرسم علی نتاجها الفني ويشكل أكبر متنه، إذ ينقسم إلی قسمين: البورتريهات والمناظر الطبيعية. وهذه الأخيرة تتماسك علی حبل مشدود بين التصوير الواقعي والتجريد، وتبدو كأنها تعيد تأليف شعر ذهني من جديد، وتشكلت بناء علی تجربة في اللون وأنجزت في مَلْون وهَّاجٍ بعطاء سخي من الفرشاة. إن الانجذاب لعالم طبيعي يُشْعرُ به من خلال العناصر التي تُزهِرُ علی سطح لوحاتها: أشجار، وأحجار وسهول. تكثف الأحاسيس الجمة الرؤی المختلفة التي راكمتها الفنانة في قرار نفسها، وتستخلص الصورة الصامتة والسرمدية حيث شكل الإنسان مُقصی فيها. لكن الوضع الإنساني حاضر في عمل عزيزة العلوي، كما تمثله بورتريهاتها؛ ففرادة الطراز، وميزته العميقة، وعبور الزمن من خلال سرعة التصوير، كلها موضوعات لامستها بواقعية، فالمذهب التوفيقي الذي انتهجته الفنانة عزيزة العلوي في عملها دفعها منذ عهد قريب إلی دمج وسائط جديدة في ممارستها الفنية. هذه التنصيبات التي تم تقديمها إبان معرض "مسالك إلهامات الفن" في بويبلا بالمكسيك (2009)، ظهرت بمظهر المتحرك تبحث فيها القوی المضادة علی توازن عابر تقوم علی العناصر التي تشكلها. كما تم تقديم في نفس المعرض شريط فيديو ومنحوتة. وقدم عملها هذا في مناسبات عدة في المكسيك، ودبي، وإسبانيا، ومؤخرا في برلين.

وفاء أعلوش القرياسطي

 ولدت سنة 1978 في طنجة بالمغرب.

تقطن وتعمل بين أمستردام بهولندا وفي برلين بألمانيا.

 

يقوم عمل وفاء أعلوش القرياسطي على نبرة المظاهر؛ مسلم بها كما هي، لكنها أكثر تعقيدا على ما تبدو عليه أول وهلة، غالبا ما يتوارى ضمنها المعنى في قرار عميق، ولا تنجلي الطابوهات التي تتناولها الفنانة في الغالب الأعم إلا بعد قراءات عدة.

فبعد تخرجها سنة 2001 من مدرسة الفنون الجميلة في أوتريخت بهولندا، إضافة إلى الدراسات التي شرعت فيها سنة 1997؛ قامت بإنجاز مجموعات غزيرة من الرسوم بقلم الرصاص على أوراق بيضاء كبيرة يخالها الناظر- للوهلة الأولى- تداعب الورقة، في حين أنها قد نقشتها نقشا محكما تنسج من خلاله حكاية لمن يدنو منها. إن هذه الرسومات دقيقة جدا ومع ذلك غنية بالدلالات التي تحكم العلاقات بين الناس: النفاق، والصراع حول السلطة، والعبث؛ كلها تتعايش في أعمالها.

إذا كانت الأعمال الأولى للفنانة وفاء القرياسطي تنقلنا إلى عالمها الحميمي العائلي وما يطفح به من مسكوت عنه وسوء فهم؛ فإن أحداث 11 شتنبر 2001 كان لها الأثر القوي على الشكل الذي اتخذه عملها. وقد تبلور اهتمامها بالواقع السياسي خلال السنتين التي قضتها في محترفات أمستردام، حيث وشجت بين حياتها الخاصة والأحداث العالمية. لقد جربت فن التشكيل، حيث حافظت فيه وبقدر كبير على الرسم؛ باحثة فيه عن الحدود السردية والشكلية. إن تنضيد الصور المختلفة التي تقود إلى تهيئ الذهن لتمثل الحكايات بتأويلات ممكنة لا متناهية هي دعوة لأخذ الحذر من المظاهر، كما أن درجة إشراق الألوان البيضاء الشفافة تضفي على رسومها عذوبة وحلاوة تخفي  جانبا من الواقع المر الذي يُفرض من قبل الأشكال.

ابتداء من سنة 2007 أصبح رسمها مباشرا جدا وذلك بإلغاء اللون والتأليف بين عناصر متنافرة، والصياغة الجريئة، وخلق أكبر عدد من الحكايات القصيرة المستعارة من المتخيل الشعبي مدعمة برسم واضح. كما تبدع كذالك التنصيبات التي توظف فيها تشكيلها هذا إلی جانب إنتاجها للتصاميم، مثل عملها في "متحف الصراع" ﴿2006﴾ أو "صراع الإغراء" ﴿2008﴾. وتجمع وفاء القرياسطي في أكبر معرض في العالم بين عناصر مختلفة من سيرك كايتي من أجل إبراز القوى المتناقضة: براءة التصوير في مقابل الفضاضة والجشع الراسخ في هذه الوقائع التاريخية.

إن العديد من أعمال هذه الفنانة الشابة تنتمي الآن إلى مجموعات عمومية بلجيكية وهولندية، وشاركت في معارض مرموقة مثل زاندار تيتل في موهكا، أونفيرس، ببلجيكا  ﴿2007﴾.

محمد الزبيري  

ولد سنة 1978 في مراكش بالمغرب.

يقطن ويعمل في شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية.

وَجَدَ محمد الزبيري نفسه منجذبا دائما إلى المهن المتعلقة بالصورة، ومن هنا كانت بداية حياته المهنية مساعدا مراقبا للأفلام القصيرة في شركة للإنتاج. ومع ذلك كان عليه أن ينتظر سنة 2005 كي يتم اختيار عمله في إطار FIAV في مركز الفن لبرشلونة. فعبر التقاط كاميرا الفيديو لمشاهد صغيرة مبتذلة، كشف محمد الزبيري إمكانية التقاط الصور لإرجاع المكانة التي تستحقها موضوعات أفلامه، سواء من الغرباء أو من مسقط رأسه مراكش، التي يؤكد بأنها منهل لا ينضب وأساسي لإلهامه، ففي عمله الذي يحمل عنوان "Under The Table" (2005)، شريط الفيديو المقدم في FIAV ببرشلونة، صور الذل والمهانة المرتبطة بعناء شاب ماسح الأحذية، الذي يمكن أن نراه منهمكا تحت الطاولة، ثم تعاليه بواسطة التسجيل الفيلمي وجمالية تلقائيته. لم يعد يركز انتباهه علی الحالة البئيسة لهذا الكائن، بل علی روعة المشهد المرتجل براحتيه. ومع ذلك فإن هذه التوليفة التشكيلية ليست غطاء للبؤس، إنما هي عمل مهدی لأولئك الذين يظلون بتلك الحركات مختفين وفي عداد الموتی، ويستفزون العالم الذي ينمَّق يوميا.

إن صور الحياة اليومية التي تتضمنها أفلامه القصيرة تزدهي بحمولة رمزية، ما فتئ ينتهجها ويتعمق فيها منذ التحاقه بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث تابع دراسته بترومان كوليج شيكاغو. علی غرار ما سبق قدم مشروعه الموسوم ب "Daily show " (2009) الذي اشتغل به في سنتين، يتضمن مجموعة من المقاطع تحيلنا إلی أجواء مدينة مراكش. هنا أيضا ترشدنا حركة الراحتين، أولا وقبل كل شيء، إلی المعاش اليومي لوجوه مجهولة تجعلنا نسافر بنظرنا في هذا العالم ونتأمله. أما فيما يتعلق بعمله الحديث الموسوم ب "Inner Marrakech" (2010)، يصرح بأن " الاشتغال بالمقاطع كما لو أن الفنان تشكيلي يملأ البياض بكل ألوان الحياة بحمولتها التاريخية"، مبتعدا عن العمل البصري المباشر نحو بحث معمَّق حول معنی الصور.

حصل الزبيري في سنة 2008 على جائزة أفضل فيلم قصير بدبي Shoof  TV، علاوة علی المرتبة الثانية  بسيتي- وايد فيلم سكول شووكايز مقدمة من قبل شيكاغو فيلم مايكرز.

 

شروق هريش

ولدت سنة 1977 في بوركين بريس بفرنسا.

تقطن وتعمل بمرسيليا بفرنسا.

ولدت في فرنسا من أبوين مغربيين، ولا تتجنب شروق هريش مسألة الانتماء، والجذور المرتبطة بوضع "طفل المهاجرين". بل أظهرت عمقا وسموا في التفكير فيما يخصُّ هذه المسألة: والمقصود هو أن نحيي هذا الإرث الثقافي المزدوج مع وضع مسافة مطلوبة، ويأخذ اجتذاب شروق هريش لغنى حوار الثقافات شكل استكشاف شعري. وحياة الترحال كذلك هو نهجٌ يلتصق بعملها حول الأوساط الحضرية، التي تذرعها بلا كلل، أثناء رحلاتها الكثيرة. وتهدف من خلال جملة أعمالها قياس الروابط بين النظرة ورسم الفضاء في الزمن. بتزيينها لطبوغرافية المكان، تقدم لنفسها مسكنا بوسائل مركبة من معطيات أزالت تسويته، ومن بنيات معمارية، ومنقولات حضرية وطرق أخرى للمرور.

هذه العناصر تشكل تراكيب منقوشة بديعة يمتزج فيها الشرقي والغربي، وتصبح المدينة فيها طوباوية. وبإنجازها على طراز الكولاجات المشققة، فإن هذه الرسوم بالأسود والأبيض تميل على سطح الصفحة أو سطح الجدار حيث تحدد العلاقة الفاصلة. إن الحضور الإنساني في هذه الرسوم ينحصر، على وجه العموم، في جسد الأنثى، الجسد ذاته دائما، مبينا حركية رؤاها الحضرية، عبر تكرار عرضها في فضاءات المعرض يصبح النفس الحكائي ميزة كل أعمالها. تقدم شروق هريش نفسها على أنها "راوية للحكايات المعاصرة" بإنجازاتها الكرافية، وعملها حول السكنى المتشظية نجد لها امتدادا في تشكيلات مصورة، نذكر على سبيل المثال مجموعة Elkora Delsma (2009)؛ هذه الأعمال نفسها تعلن عن دراسة متطورة حول تحركات السكان داخل محيطهم وتبرز الاستعمال البارع للون.

فالمعارض الشخصية التي خصصت لها – في فيلا القديس كلير بمدينة سيت  (2004)، وفي الشقة 22 بالرباط (2007)، وفي رواق جوناس ببروكسيل (2008)، كانت  بالنسبة لها فرصة لعرض جملة أعمالها، إضافة إلي تقديم أعمالها الكرافية علی شكل تنصيبات. كما أن تنضيد المنظر الحضري تمت معالجته علی سبيل المثال من زاوية الاستعارة التشكيلية علی طراز أعمدة قصيرة، يتكون حجمها العمودي من لوحات خشبية مرسومة.

شريف بنحليمة

 

ولد سنة 1967 في بروكسيل ببلجيكا.

يقطن ويعمل في أنفيرس ببلجيكا.

 

يكمن في عمل شريف بنحليمة بعدٌ قويٌّ من التنقيب السيرذاتي، ويصبح ذا مغزى عندما نعرف بأن هذا الفنان البلجيكي لم يكن له علم بماضي أسرته وطفولته. كان أبوه من العمال المغاربة المهاجرين في بلجيكا، وقد طرد منها واختفى من حياة ابنه وعمره لا يتجاوز الثلاث سنوات، أما أمه فقد وافتها المنية وهو في سنته الثامنة؛ فغياب أصل الجذور القوية والفراغ الناتج عن غياب الأب جعل أسلوبه في البحث عن الذات يتأثر بالوحدانية. وقد تم تسريع هذه السيرورة بواسطة الفوتوغرافيا، ومصادفة هذا الشكل الإبداعي كان له صدى خاص عنده.

بعد حصول شريف بنحليمة على دبلوم معهد سانت لوكاس ببروكسيل ﴿1990-1995﴾  دشن مشواره الفني بعمل دام لمدة تسع سنين ووسمه ب "مرحبا بكم في بلجيكا" ﴿1990-1999﴾. ويوثق هذا العمل، الذي يتكون من أربع مجموعات من الصور ونصوص موقعة، الواقع الاقتصادي للمنفيين في بلجيكا.  وخلْف هذا الطابع السياسي البارز، نجد عناصر جوهرية توجه أبحاث شريف بنحليمة وهي: العلاقة الدقيقة بسيرته الذاتية، والذاكرة ومحوها، وإنشاء المعلومة في خضم واقع تنزع تعقيداته إلى الانفلات من بين أيدينا.

وكان عمله "مرحبا بكم في بلجيكا" مسبوقا بإقامة في مدينة نيويورك، حيث حصل على دبلوم المركز العالمي للفوتوغرافيا ﴿1999-2000﴾، ودأب على تغيير تقنيته التوثيقية لكي يصف التحولات ذات الطابع البرجوازي التي عرفها حي الهاريلم، وذلك من خلال آثار ماضية.

وفي سنة 2003 قام بمشروع "الساميون" الذي يُعرفه هو نفسه بأنه "وثيقة زائفة" يتناول فيه سكان شمال إفريقيا في العواصم الأوربية، وفي عمله الموسوم بout  - Black ﴿2005﴾ يحول اسوداد الكليشيه الذي يلف المواد المصورة الملتقطة دون إدراكها إدراكا واضحا وشفافا، لكن الأشياء يمكن تسميتها. وسلسلة عمله الأخيرة التي وسمها ب "Routs" شرع فيها سنة 2008، يعمق التفكير حول ما يمكن إدراكه، واستخدم النباتات كتمثيل ممكن لجذور الفنان. فبالإضافة إلى المعارض الفردية والجماعية في بلجيكا، والولايات المتحدة الأمريكية، وجنوب إفريقيا، وهولندا، وفي دول أخرى عديدة،  قام شريف بنحليمة بنشر السلسلات الثلاث من عمله في كتب.

فؤاد بلامين

ولد سنة 1950 في فاس بالمغرب.

يقطن ويعمل في باريس بفرنسا، وفي الرباط بالمغرب.

 

تأثر فؤاد بلامين في وقت مبكر بالأسوار المتاخمة للمدينة القديمة بفاس التي ازداد بها، وهو يصف لقاءه بالعالم الجمالي كمن يسلك "طرقا غير متوقعة".

كان أول معرض له في المغرب سنة 1972. وفي أواخر السبعينيات اكتشف باريس بإقامة استمرت لأكثر من عشر سنوات، ومنذ ذلك الحين وهو يمارس فن التشكيل بين ضفتي البحر الأبيض المتوسط.

وبإيعاز من انجذابه البارز بالهندسة المعمارية، فإن نماذج الأقواس والقبب، المنتقاة نظرا لقابلية تشكلها، تستعاد في لوحات هذه المرحلة؛ حيث تعد مجموعة "موائد الآلهة" المنجزة في المغرب استمرارا لها، لما كان يدرِّس الفنون التشكيلية في مدينة الرباط.

وترتكز أبحاثه على عناصر يعتبرها أساسية في فن التشكيل وهي: الضوء والفضاء، الحركة والزمن. ولا ينبغي أن ننخدع بالبصمة المادية العميقة لمنهجه: والمقصود هو انبثاق تلك الأحاسيس "المقدسة" الممزوجة في طبقات الرسوم التي ينضدُّها والتي يحيط من خلالها بموضوعاته. وتتميز العديد من مجموعاته الأخيرة بتأمل شرع فيه منذ سنوات حول العلاقة بين المرئي، الذي يخفيه، واللامرئي الذي يبحث عن "كشفه". أما مجموعة "المزارات" فتعطي للمآثر التي تحمل اسمها قوة تشكيلية لا نظير لها، وتضع المشاهدين في مواجهة نصبهم التذكارية البسيطة، لكي تحتفظ جيدا بقوتها الأبدية، دون أن تصبح حكاية في زمن ما. بينما في مجموعة "فجر" ﴿2009﴾ وبإدخال معنى الزمان استحال بعد هذا الأخير من الناحية البصرية بعدا حسيا، ففي هذه المجموعة كما في "أصول العالم" ﴿2007﴾ التجأ فؤاد بلامين إلى تقنية رقمية، بحيث عالج هذا الوسيط من خلال تجربته باعتباره فنانا تشكيليا، زيادة على ذلك فإن هذه الثلاثية ﴿2008-2009﴾ تمزج بين جانب فوتوغرافي وجانبين يخصان التشكيل، وتقوم هذه الجوانب الثلاثة على العلاقة المكونة بين التقنيتين مُشكّلة بذلك علاقة مجابهة مع المشاهد.

إذا كانت أعمال فؤاد بلامين قد مكنته من شهرة عالمية – وهي موجودة ضمن المجموعات الهامة (متحف الفن المعاصر بمدينة باريس، والبرلمان المغربي، إلخ) وشارك بها في معرض البندقية سنة 2005 وكذا في معارض عدة سواء في المغرب أو خارجه – فإنها تصون ذاكرة أولى انطباعات وأحاسيس الطفل الذي ذرع أزقة فاس ذرعا، كما قام هذا الفنان بتأسيس مكتبة عالمية للفن الحديث والمعاصر في الرباط  بالمغرب.

هشام بن أحود

ولد سنة 1968 في مراكش بالمغرب.

يقطن ويعمل في باريس بفرنسا.

 

لقد استهل هشام بنحود حياته المهنية إلى حد ما بلَفّة؛ فباعتباره أستاذا للفنون التشكيلية في إعدادية مغربية لمدة ثلاثة عشرة سنة، انكب على دروس الفوتوغرافيا لتلامذته التي يقوم بإخراجها في قاعة الدرس خلال تسع سنوات نمّى تأمله وطوره، لقد جعله الحوار الغني الذي شرع فيه، يتطلع للذهاب بعيدا في بحثه عبر الصورة حول أسس الهوية الفردية والجماعية. مجموعة أخرى  فضلا عن كونها تقوم على الموضوعات نفسها – 4455 صورة صغيرة معلقة على الجدار – فقد عرضت منذ سنة 1998 في فضاء كان يزوره باستمرار ألا وهو المعهد الفرنسي بمراكش والذي حسب شهادته الخاصة أتاح له آنذاك المجال "لإثراء معارفه في دولة تنعدم فيها المتاحف والأروقة"، فسفره إلى فرنسا في السنة نفسها واكتشافه للفن العالمي شكلا معا منعطفا في مساره الفني، الذي سيكرس له حياته بأكملها فيما بعد.

فمن خلال أعماله الفوتوغرافية التي تم إنجازها منذ ذلك الحين، تظلّ مسائل الهوية، والانحراف، والاحترام، في كنف مجتمع مدجن هي دائما محورية. إن تمسكه بالتقاط صورة جسده أو وجهه – كما هو الشأن في مجموعة Version soft  ﴿2003﴾ و Half couple  ﴿2004﴾  – وحميمية الآخرين أو فئة منهم، والعبور من علامة ذاتية –البورتريه- إلى علامة تشكيلية- توقيع بصري-، يأخذ دائما شكل إخراج مرتجل كما يؤكد ذلك بنفسه.

عمل هشام بنحود مؤخرا في المغرب رفقة أطفال أزمور ﴿2007﴾ في إطار طلب عمومي؛ فأجساد هؤلاء الأطفال التي تبدو مقيدة ومستورة أو مرتبطة بمحيطها، هي دائما في علاقة مع الأشياء الموجودة في مسيرها. وأعماله الأخيرة سواء منها الخاصة بالوجه أو الظهر تمثل ذلك، وتبين جسده المتحول بمساعدة تقنيات رقمية وما تعكسه التحولات والتمزقات في صورته الشخصية.

كما عرض أعماله مرارا خاصة في اللقاءات الدولية للفوتوغرافيا في باماكو سنة 2001 وفي معرض أفريقيا روميكس ﴿2005﴾ في باريس ودوسلدورف بألمانيا، وقد احتضن رواق VU  معارض شخصية عديدة ومؤلفات تستعيد بشكل متعاقب كل مجموعاته.

محمد الباز

ولد سنة 1967 في القصيبة بالمغرب.

يقطن ويعمل في ليل بفرنسا.

 

التحق محمد الباز رفقة أسرته بوالده بفرنسا سنة 1975، بجرح المهاجر الذي يرى هويته تتلف بواسطة نظام صارم للحدود والانتماء، أدرك محمد الباز منعطفات ومنعرجات ذلك. منذ ذلك الحين وتنوع ممارسته الفنية ينعكس في أعماله. منذ سنة 1993، وبعد حصوله على دبلوم مدرسة الفنون الجميلة بباريس – سيرجي، وكذا التكوين الذي استفاد منه في المعهد العالي للدراسات في الفن التشكيلي بباريس، استطاع الفنان أن يطور عمله حسب أصول العود الأبدي تحت عنوان "إصلاح المستعصي"، وهذا العنوان هو مفتاح عقدة مُتخيله، الذي يتموضع بين الخيال والواقع، إنه يرَّمق فعلا، عندما يعلن بأنه يرغب "ببساطة تشييد فضاء للممكنات"، ولا يتردد في هدم واستبدال أعماله الخاصة.

إن العدة التي يستخدمها في هذا الصنيع تأخذ شكل تنصيبات معقدة، حيث الضوء يهيمن ويؤلف بين غازات النيون، والرسوم، وأشرطة الفيديو، والصور الفوتوغرافية، وأشياء قابلة للتركيب،  وهي في الآن نفسه أرضية للعمل وفضاءات للعرض.

إن هذه الإصلاحات المسمّاة "تفاصيل" هي عابرة: أي أن هذه الشظايا الجاهزة للاستعمال تقدم صورة واقع صعب الإدراك في كليته وتعقيده، فضلا عن بناء حسب قوله "فضاءات الأحرى أن يحياها من أن يراها...."، فمحمد الباز هو محرك التوليفات البصرية والوجودية الدفينة. إثباتا ل "رمَّق" يفكك ويركب من جديد الحدود التشكيلية والإنسانية عبر تجربته وتأمله الفنيين، ويعمل على بسط منتوجات ورموز لمختلف الثقافات بواسطة المعالجة الدقيقة التي تفرضها عليه. كما يحاول من خلال فنه أن يوضح الاختلافات التي تؤسس لميلاد تعددية ثقافية واعية، مظهرا كل فعل متمركز على ذاته. فمنذ معرضه الأول والهام في متحف الفن المعاصر بفيلنوف داسك سنة 1994 شارك الفنان في العديد من التظاهرات منها معرض استانبول في سنة 1995، ومعرض أفريقيا روميكس بمركز جورج بومبيدو ﴿باريس﴾ في سنة 2005، ومعرض شخصي خصص له في رواق أتوليي 21 بالدار البيضاء في سنة 2009.

لالـــة السايدي

ولدت سنة 1956 في تامصلوحت، قرب مراكش بالمغرب.

تقطن وتعمل في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية.

لقد قادها مسارها الحافل بالحيوية من المغرب – الذي غادرته وهي ابنة السادسة من عمرها – إلی نيويورك، مرورا بباريس والمملكة العربية السعودية، حيث عاشت لسنوات طوال.

إن أثر مواجهة تنوع الإرث الثقافي المتحدر من الشرق كما من الغرب، يبرز في عملها بقوة من خلال رحلاتها. وإن كانت تستعمل الفوتوغرافيا، فإنها تزيل علامتها عبر مقاربة تشكيلية رفيعة لهذا الوسيط، ولا تتردد في إدخال التشكيل بالحناء في كنف توليفاتها. فالعمل الذي تنجزه والمهدی للمسلمات، والمطلوب علی هذا النحو، يتموضع في ملتقی الواقع والاستيهام: أي وهي تسعی لتفكيك الصورة النمطية لمثيلاتها وسابقاتها، فإن لالة السايدي لا تستثني النظرة الاستشراقية لتاريخ الفن الغربي، ولا حتى ثقل العادات التي ترزح تحتها.

ففي المجموعة الموسومة ب "تقارب الأقاليم" (2003) والتي تم إنجازها في بيت طفولتها بالمغرب، ازدهی المحيط العائلي بنزعة مزدوجة: فهو يحيل إما إلی شبقية الحريم التي غذت المخيال الغربي، أو إلی الحصار المقدر علی النساء في الواقع. كما توجد فضاءات مغلقة محاصرة بحضور نسوي، محتجبات في أغلب الأحيان، بينما الأجساد والملابس، الأقمشة والجدران، كلها مغطاة بخطوط منسوخة بالحناء تبدو مازجة للوجوه في زخرفها. وهناك مجموعة أخری تساهم في هذه الجمالية النقدية وسمتها ب "نساء المغرب: جمال الحريم" (2008). فعبر نسخ الوضْعة الفاترة للوحات استشراقية للقرن 19 تسجل النظرة الكولونيالية، إذ يصبح فن الخط رسولا لكلام أولائك النساء المكتوم. لقد كانت أعمال لالة السايدي موضوع العديد من المعارض الاستعادية خاصة في المؤسسات المتحفية الأمريكية، كما عرضت صورها في العديد من المعارض الدولية منذ سنة 2005، معرض فن بازل، وفن دبي، وفن باريس إلخ، وهي تعد من المجموعات الرفيعة العامة منها والخاصة.

منير فاطمي

ولد سنة 1970 في طنجة بالمغرب.

يقطن ويعمل بين باريس (فرنسا) وطنجة (المغرب).

إن إعادة رسم أعمال منير فاطمي يبدو صعبا للغاية ما دام منطق السرد، على حد قوله، في تلاؤم كبير مع واقع العالم المتشظي الذي نعاصره، والذي يقوم مقام المنطق الخطي للتسلسل الزمني. وهكذا فإن أي قطعة جديدة تنصهر ضمنها قماشة رسم تم نسجها سابقا وتصبح صدى لصيرورة ما.

حينما يتذكر طفولته، يستحضر منير فاطمي طبعه الفضولي الذي يؤسس لممارسته الفنية إذ يقول: "لقد كنت مبرمجا للقيام بهذا الدور"، يواجه بالأسئلة نظام العالم، والمعتقدات، والتقليد، والسلطة، التي لها امتداد مستمر في جميع أعماله.

رحل من طنجة في اتجاه إيطاليا في السادسة عشرة من عمره، حيث درس بها الرسم والتشكيل طيلة ثلاث سنوات. وعند عودته إلى المغرب اشتغل مصمما في وكالة للتواصل، وكان يمارس موازاة مع ذلك فن التشكيل، وبعد إعلان عمله فائزا بالجائزة الأولى للملتقى الثالث "الشباب المغربي وفن التشكيل" في سنة 1993؛ أعلن حينئذ "موته الرمزي"  في إحدى حواراته الصحفية. سبق ذلك قراره بالتخلي عن مسند الرسم، وذلك من أجل الشروع في مجموعته المُؤسِّسَة التي وسمها ب "محو التذكر" (1996)، حيث يكسو لوحاته الخاصة بدهان ملمع أسود أو أبيض، معالجا لمسألة الرقابة والخفي والذاكرة، وباستعماله لوسائط العالم المعاصر المختلفة؛ الفيديو، والتنصيب، والفوتوغرافيا، والرسم، والنحت، يكشف منير فاطمي عن موقفه النقدي إزاء الرهانات المجتمعية وعن عزمه مقاومة المسلَّمات مفضلا عليها اللااستقرار الواقعي والمُخلص. إن أعماله تسائل وتخلخل الأنساق القائمة وذلك عبر فتح مسالك كثيرة، لكي يكشف عن التباساتنا وشكوكنا ورغباتنا ورهباتنا الغريبة والمهملة التي تحول من الوهلة الأولى، بوضوح شبه متغطرس، إلى أشياء كونية، تبرز أكثر قدوم نوع من الوعي الكلي بدلا من وعي نضال شخصي. فهو يركز اهتمامه على الأشكال الهندسية السلطوية – في المعارض الثلاثية Fuck Architects التي قُدم منها الجانب الأخير في معرض بروكسيل سنة 2008، وكذا على أشكال التواصل والمعرفة، باقتصاد شديد في الوسائل، وعلى سبيل المثال "عوالم موازية" (19992008 - )، التي تم إنجازها بفضل أسلاك التلفزيون. ومن ضمن المعارض التي شارك فيها منير فاطمي وهي عديدة نذكر معرض البندقية سنة 2008، ومعرض ليون سنة 2009، وكان مُمَثلا في العديد من الأروقة في أوربا والولايات المتحدة الأمريكية.

بشری خليلي

ولدت سنة 1974 في الدار البيضاء بالمغرب.

تقطن وتعمل في باريس بفرنسا.

بعد دراستها للسينما في جامعة  السوربون الجديدة، حصلت بشری خليلي علی دبلوم من مدرسة الفنون الجميلة بباريس- سيرجي. إن عمل هذه الفنانة الشابة يتموضع علی هامش الواقع والخيال ويعرض تطور المجتمع في ظل العولمة وذلك عبر مسار من جربوا ذلك، المهاجرون، والمهاجرون السريون، والمهجرون: هم الفاعلون الأساسيون في أشرطة الفيديو لهذه الفرنسية المغربية، التي تم إنجازها بشريط أحادي، وتم تقديمها علی شكل عرض أو علی شكل تنصيب. تدير كمرتها  في اتجاه مناطق عبور حدودية لأنها في الآن نفسه العلامة والسبب، لأنها تخلط قواعد وحدة الانتماء التي أقيمت بواسطة: رسم صارم في تحديد التخوم، لكن تنضد علی هذه الجغرافيا السياسية الجامدة، خرائطية داخلية أكثر حركية مما يتم استرجاعه في الحكايات المصورة علی فيلم.  ففي ميبين جورني (2008) شهادة "حراك" مهاجر سري جزائري في طريقه إلی فرنسا، أصبحت إقامته شرعية، يعرض تشرده، بينما فيها صورة وحيدة لخارطة حافات البحر الأبيض المتوسط تقدم لنا لمحة عن القيود التي واجهها.    ومع ذلك فإن أفلام بشری خليلي ليست علی النقيض من الصورة- الصدمة، وتعتني أكثر بالتمثلات. وبالمخيال إن صح القول، التي تعالج المرشحون للمنفی وليس الوقائع الخاصة، إن "شعوب متجاورة"، قوية بحكي أسطوري لمدينتين متماثلتين من الأندلس والريف المغربي، تواجه الطبوغرافيات المعمارية والذهنية بعضها البعض اللذين يشكلان المعاش اليومي لساكنتيها الخاصة، مشيرة إلی الفروق بين الحكايتين المختلفتين، وأن استعمالها للفيديو ليس بدون قيمة: أي أنها تعتبره شيئا "قذرا" لأنه هجين. فهذا الوسيط وحسب المفهوم الذي تمنحه من خلال استعمالها الخاص له، يتيح لها إنتاج صور بدقة الشريط الوثائقي والخيالي، وصلابة السينما والفنون التشكيلية.

"سيركل لاين" (2007)، تنصيب ذو شاشات متعددة تستحوذ عليه مصادر ثلاثة للمعلومات ليعرض الهجرة المعاصرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية. فباللجوء إلى تمفصلات غير متوقعة للأصوات، والصور، وكذا النصوص، وعبر التجريب الشكلي والسردي، استطاعت بشرى خليل أن تقدم شهادة على أن قضية التهجير قضية معقدة.

لقد ساهمت فنانة الفيديو هاته في تظاهرات جماعية كثيرة، في المعرض الثالث لغوانزهو (يقام كل ثلاث سنوات) بالصين (2008)، وفي مركز جورج يونبيدو في باريس بفرنسا (2008)، وفي متحف الملكة صوفيا في مدريد باسبانيا (2009) -  وكرست لها معارض شخصية- متحف الفن المعاصر بالباهيا، سلفادور دوباهيا بالبرازيل (2007) ،  ستريت ستوري ولوب دوفيديو ار ببرشلونة (2008).

نجيـة محاجـي

ولدت سنة 1950 في باريس بفرنسا.

تقطن  وتعمل بين باريس بفرنسا، والصويرة بالمغرب.

إن البدايات الفنية لنجية محاجي تعيدنا إلى السبعينيات في باريس، حيث كانت تهتم بالثقافات "خارج أوربية" عبر أبحاث؛ إن حول الجسد والصوت أو حول الفن التشكيلي.

لقد قادتها تجربتها إلى ربط كل هذه الحقول في وحدة تمثل إنتاجاتها السابقة المنجزة بالفحم والمداد، مستحضرة في ذلك الحركات الطقوسية لحضرة الدراويش الصوفية أو تلك الحركات المسرحية المتعلقة بالنو اليابانية، في حين أن رسومها الأولى تظهر بصمات نداء، وصوت، وتنفس.

فأثناء إقامتها في الصويرة لمدة عام سنة 1985، في إطار منحتها التي قدمت لها من قبل "Villa Médicis hors-les-mures"، بدأت في مرحلة جديدة من عملها مازجة بين الرسم والورق اللاصق على قماشة خامة تدور حول أسطورة إيكاروس، رمز حارس الحرية.

إن الٱواصر التي تربطها بالمغرب، أصل والدها تمتد إلى اليوم: فهي مازالت تملك مرسما في مدينة الصويرة،. إذا كانت زخارفها الأولى تنم على وعي بالصفاء الهندسي والتجريد، فالموضوعات المتحدرة من الهندسة المعمارية بحمولتها الرمزية القوية ستثير انتباهها كذلك. ففي سنة 1993-1994 حملت مجموعتها الموسومة ب "القبب"، بأشكالها الكونية والفريدة في الآن نفسه، المتعلقة بالتراث العربي الأندلسي، جوابا توفيقيا عن السؤال المرتبط بالإرث المزدوج الغربي منه والشرقي.

وهذه البينية ولدت أيضا من إرادتها في جعل الروحي والحسي يتعايشان في كنف فضاء واحد. وانطلاقا من سنة 1996، نقلت إشكالاتها إلى تقنيات أخرى، مستعملة ألوان زيتية خالصة: موضوعات نشأة الكون معالجة بزخارف مثلما التشجرات هي دائمة ومستمرة. ظهر العنصر النباتي في عملها في سنة 2001، وتلاه عمل آخر على الزهور كرمز للتدفق لنصل إلى مجموعة (2009) الموسومة ب "Eros et Thanatos" شاهدة على الموجودات المتناقضة، وموازاة مع  ذلك تطور إنتاجها بتجارب رقمية انطلاقا من منقوشات الغويا، التي منها كوارث الحرب التي تستحضر الصراعات المعاصرة. أما أعمالها الأخيرة المعنونة ب " حلزونيات" فتحيل إلى جمالية الطية بصفتها تمثيلا ممكنا للكون.

فعلاوة على معارضها الكثيرة في المغرب وفرنسا، منها العرض داخل معرض "هـن"  في مركز بومبيدو  (2009-2010) هناك كتاب مونوغرافي حول أعمال نجية محاجي في منشورات سوموجي سنة 2008.

مالك نجمي
  
ولد سنة 1973 في أورليون بفرنسا.

يقطن ويعمل في أورليون بفرنسا.

 

شكل الواقع والمعاش مادتين أساسيتين لدى مالك نجمي، لكنه عبر ذاتية الفوتوغرافي المطلقة يميط لنا اللثام عنهما. لا يتعلق الأمر إذن بأن تحمل نظرة منمقة حول العالم لكن الأحرى مواراة قوة التعبيرات الأكثر غنائية فيها والكشف عن المعاناة الأكثر حميمية.

إن مالك نجمي يجس نبض المدارات الجماعية عبر تاريخه الشخصي. لقد بدأ عمله بالفوتوغرافيا بطريقة شبه عصامية، فبعد دراساته السيميائية، المستندة على بعض المراجع، خاصة الاثنوغرافية منها، بما في ذلك عمل بيير فيرجي، الذي انطلق على أثره في سنة 1999.

فأول روبورتاج قام به كان بالبنين، وأسس من خلاله مقاربته التي لم يحد عنها: وهي مقاربة وثائقية وشعرية، والتي تتضح من خلال الرغبة في إظهار تفاوت الأقدار الإنسانية، فبهذا المنهج أيضا يكشف عناصر الجواب في بحثه عن ذاته، وهو يواجه المغايرة. اكتشاف الأصول: الغاية نفسها تحثه في مجموعته الموسومة ب Maghreb والمنجزة في ثلاثة أجنحة، موافقة لثلاث رحلات باشرها في اتجاه المغرب سنة 2001 و2004 و2005. هذا البلد الذي هو بلد والده، مهاجر في فرنسا، الذي أسس حياة ثانية في الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط.

فالكليشات التي استردها ستشكل "ألبومه العائلي" حيث تملّك من جديد ذكريات طفولته، وذاكرة والده الدفينة. فغنى هذه الثلاثية التشكيلي، وإنسانيته والمسافة التي يدرك بها موضوعاته المتحدرة من اليومي، كل ذلك مكنه من الفوز بجائزة كوداك للنقد الفوتوغرافي سنة 2005، مع اختياره من قبل رايموند دببًّاردون للقاءات العالمية للفن الفوتوغرافي في لآرليس سنة 2006.

كان مسار هجرة والده كذلك موضوع Entrada  ﴿2006-2010﴾، الذي يمزج فضاءات التراب الأوربي وذلك قصد إعادة تشكيل جغرافية منها، جغرافية حميمية، ومُعاشة لمرشحي الهجرة. يقدم تنصيب  "Partir " ﴿2010﴾ جدارين من الصور تنتمي إلى مجموعته Maghreb و  Entrada، ويصمم الأسئلة المرتبطة بمواجهة النظرات المتحدرة من ضفتي المتوسط على شكل الذهاب والإياب.

لقد حاز مالك نجمي على الجائزة الأولى من أكاديمية الفنون الجميلة في باريس سنة 2007، وتم تقديم صوره الفوتوغرافية أثناء معرض شخصي بمتحف الفنون الجميلة لأورليون ﴿2006﴾، ومعرض جماعي بباماكو ﴿2007﴾، وفي باريس فوطو ﴿رواق 127 في مراكش بالمغرب﴾ سنة 2009، وغير ذلك.

إلياس سلفاتي

 

ولد سنة 1967 في طنجة بالمغرب.

يقطن ويعمل بين مدريد، وباريس، ونيويورك.

إن إنتاج إلياس سلفاتي الفني ذاتي للغاية، ولا يمكن تصنيفه في نمط معين إلا بصعوبة شديدة، متعال على الحقب وتنوع أجناس الفن التشكيلي، ولا ينتمي إلا لذاته: أي مبدأ الإحالة الذاتية التي ينطوي إليها.

يرتقب من خلال تكرار نفس الزخارف التصويرية قراءة شعرية وكونية لهذا الأثر الفني البسيط والرزين، خال من كل تشويش، وطرائف أخرى تبدو غير ضرورية. لا يستسلم لغواية اللحظة ومفاتنها، لكنها راسخة في الأصول السحيقة للبشرية، فأكبر قسم من إنجازات إلياس سلفاتي يستجيب بشكل شامل ل "Lost forest"، المجموعة التي شرع فيها سنة 2001 بحيث لم يتوان في توضيح صورة الحيوان عامة، وصورة الفرس على وجه الخصوص .

ففي جميع الحالات فإن الأمر لا يتعلق بدراسات في علم التشريح مستقاة من ملاحظة تطبيقية لمورفولوجية هذا الصنيع، إنه بالأحرى رسم بسيط ، يقترب كثيرا من الأحاسيس التشكيلية التي توحي له بشكل النموذج الأصلي لفرس القتال.

إنها غابة حيوانات رمزية وغريبة تقع تحت تأثير الأسطورة، التي يستدعيها إلياس سلفاتي في أعماله. ولو أن تلك الزخارف تصويرية إلا أنها تنزع إلى التجريد، وذلك من خلال المعالجة التي ينزلها الفنان بها: التنضيدات، والمضاعفات، والتشابكات أو التداخلات المتبادلة، كل ذلك يمكنه من أن يرسم فضاء يتجاوب فيه الفارغ منه والمملوء. إضافة إلى ذلك، اللطخات وبقع أخرى أُلًّفت من غموض بصري: صورة ظلية تمكننا لوحدها من أن نعين الموضوع المُمثَّل.

لقد أتى إلياس سلفاتي من حقل فن النقش، وتدرب على فن الأختام في مدرسة الفنون الجميلة بمدريد، ومنذ بدء حياته المهنية التي دامت عشرين سنة، حصل على جوائز كثيرة في هذا الفن، بالإضافة إلی الجوائز التي كوفئ بها على موهبته باعتباره رساما وتشكيليا.

ففي أحدث أعماله، تنضم "Le Floral" إلى استعادة العناصر المتحدرة من حيواناتها، حيث يصبح استعمال اللون أكثر حرية. وقد خصص له العديد من المعارض الشخصية، خاصة الذي نظم من قبل رواق شاخت Shart بالدار البيضاء ورواق تيري مارشان بباريس.

عبد الرحيم يامو

ولد سنة 1959 في الدار البيضاء بالمغرب.

يقطن ويعمل بين باريس بفرنسا ومراكش بالمغرب.

حاملا في خوالجه، وفي وقت مبكر، الاستعداد والرغبة في أن يصور ويرسم، أمضى عبد الرحيم يامو عنفوان شبابه في المغرب، قبل أن يغادر أسرته المتحدرة من نواحي جنوب المغرب الشاسع، وذلك قصد الشروع في دراسة البيولوجيا في فرنسا، وهو ابن التاسعة عشرة ربيعا. غير اتجاه اهتمامه نحو السوسيولوجيا، حيث وقّف نفسه على أبحاث تهم "الهوية في التشكيل المغربي"، محصلا لدروس في تاريخ الفن القائم على الإبداع الإفريقي بخاصة. وفي ربيعه السابع والعشرين قرر التفرغ بشكل تام للفن التشكيلي.

إن أعماله الأولى التي قام بعرضها في بداية التسعينيات، سواء برواق إتيبن ديني ﴿باريس﴾، أو برواق المنار ﴿الدار البيضاء﴾، تم إنجازها من منطلق التجريب الفيزيائي للمادة، ترابية وسميكة، التي يغطي بها سطح اللوحة، بعد ذلك يعالجها بواسطة المسامير الدقيقة والمطرقات، إنها تحتفظ بأصوله الصحراوية، خيط أحمر حقيقي لعمله. عند الاستحضار المجرد للبدايات- مجموعته الموسومة بـ "des sables, des terres, des ocres"- ستعوضها مرحلة يُدرك بزوغ وجوهها، حيوانية أو إنسانية: كتاب حيوان عتيق في الغالب، قريب من أشكال الرسوم الجدارية في الكهوف، تستدعي قوى لا تعيها الذاكرة. في سنة 1996 قام عبد الرحيم يامو برسم أول أوراقه، فوجدت البصمة النباتية المتمخضة عن ذلك إنجازها في الرسم. إذن فمسألة الحديقة، سواء كانت في خيالية أو واقعية، تبدو كنقطة حساسة، مافتئ يرجع إليها حتى في لوحاته الحديثة، ويوضح قواعد استعارة دورة الحياة من النشأة إلى الممات.

فسواء كانت بسبب ما هو عضوي، كما هو الشأن في مجموعته الموسومة ب " Graines"  ﴿2003﴾، حيث تكشف النباتات المحبوكة عن امتدادات خيالية ضمن فن الخط، أو أن الفنان يختبر التناغمات الموجودة بين النبات والجماد، ويجد بروز الشكل أصداء رنانة ضمن الصلة المطلوبة من قبل عبد الرحيم يامو مع إفريقيا. وقد توجت هذه العلاقة في نحته، الذي مارسه منذ منتصف التسعينيات: وهي مستوحاة من النحت التقليدي الإفريقي، وتأخذ مكانها تحت علامة مزدوجة بيولوجية ومجتمعية. إن صلته "بالفتيش"، ثم توضيحه من خلال سطح اللوحة المملوء عن آخره بالمسامير، يذكرنا بمنحوتات نكودي الصغيرة التي نعثر عليها في الكونغو.

وقد خصص له معرض شخصي سنة 2009 برواق لوسي فاي وسيليغمان ﴿باريس﴾، والآخر برواق 21 Atelier  في  السنة ذاتها.

مجلس الجالية المغربية بالخارج

23/09/2010

 


 

 

 

Google+ Google+