واشنطن- أميركا تشيخ.. والمهاجرون يجددون لها شبابها

الجمعة, 18 مايو 2012

للمرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، يصبح غالبية الأطفال في البلاد منتمين إلى أقليات، بحسب أرقام إحصاء سكاني جديد تشير إلى بزوغ فجر حقبة لم يعد البيض فيها يمثلون أغلبية. وتشير تقديرات سكانية إلى أن نسبة 50.4 في المائة من الأطفال الذين كان عمرهم أقل من عام في السنة الماضية من ذوي الأصول الإسبانية أو الأفريقية أو الآسيوية أو من أي أقليات أخرى. وتعد هذه زيادة بقيمة نقطة مئوية كاملة عن أطفال الأقليات التي تم تقديرها عندما أجري الإحصاء السكاني الذي يتم إجراؤه كل عشرة أعوام في أبريل (نيسان) 2010. وأشار خبراء سكانيون بمكتب الإحصاء السكاني إلى أن نقطة التحول جاءت بعد ثلاثة أشهر في يوليو (تموز).

وتعكس التقديرات الأخيرة، التي تقيس التغييرات التي طرأت منذ آخر استطلاع تم إجراؤه، موجة هجرة بدأت قبل أربعة عقود. وحدث تحول سريع في التكوين العرقي والعنصري في الدولة، مع تقدم سن السكان البيض، خاصة مقارنة بذوي الأصل الإسباني.

ويرى علماء الاجتماع أن الوضع الحالي بين المواليد يعد بمثابة مؤشر دال على التغيير. وقال أندرو تشيرلين، عالم الاجتماع بجامعة جونز هوبكينز والمتخصص في شؤون الأسرة: «هذه لحظة فارقة. إنها تكشف لنا إلى أي مدى أصبحنا متعددي الثقافات».

وعلى الرغم من أن الأقليات تمثل نحو 37 في المائة من إجمالي سكان الولايات المتحدة، فإن واشنطن وأربع ولايات غالبية سكانها من الأقليات، هي كاليفورنيا وهاواي ونيومكسيكو وتكساس. وتحتل منطقة واشنطن الكبرى، التي يمثل البيض أقلية فيها، موقع الصدارة. فمن بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات، هناك عدد من الأقليات يفوق البيض في كل سلطة قضائية، باستثناء مقاطعتي أرلنغتون ولودون. على مستوى عموم الولاية، تضم فيرجينيا بالكاد عددا من الرضع البيض دون السنة يفوق عدد الرضع من الأقليات، غير أن هذا العدد على شفا الانخفاض إلى أقل من النصف. ويتمثل أحد أبرز عوامل التحول الديموغرافي في السن. ويعتبر البيض إلى حد بعيد المجموعة الأكبر سنا، إذ يزيد متوسط عمرهم عن 42 عاما، ولذلك، فإن كثيرا منهم قد تخطوا سن الإنجاب. وبالمقارنة، فإن متوسط عمر ذوي الأصول الإسبانية أقل من 28 عاما. ويصل السود والآسيويون إلى متوسط عمرهم في أوائل الثلاثينات.

ومع انخفاض عدد النساء البيضاوات ممن هن في العشرينات والثلاثينات من العمر على مدار العقد الماضي، انخفض بالتبعية عدد الأطفال البيض في معظم الولايات. وقال كينيث جونسون الخبير الاجتماعي بجامعة نيو هامبشاير: السكان يتغيرون أمام أعيننا، وتحل أصغر فئات السكان سنا محل أكبرها سنا. هذه هي أول نقطة تحول. الأطفال في طليعة التغيير القادم.

وتشهد الأماكن التي تقيم بها أمهات وأطفال من أصل إسباني طفرة في عدد المواليد. افتتح مركز ماري، الذي دشن في أدامز مورغان في عام 1988 لتزويد النساء المهاجرات بخدمات الرعاية ما قبل الولادة، خامس فروعه يوم الأربعاء في أديلفي. وتقول ماريا غوميز، مؤسسة المركز: «من يهاجرن هن من الشابات الثريات. إنهن يتمتعن بالخصوبة وتلك هي دورة الحياة».

وعلى المدى القصير، ليس من الواضح ما إذا كانت الطفرة في المواليد ستستمر أم لا. ووصلت الهجرة من المكسيك، بلد منشأ الغالبية العظمى من المهاجرين ذوي الأصول الإسبانية في الولايات المتحدة، إلى حالة جمود، وربما تتحرك في الاتجاه العكسي. وقال ويليام فري، الخبير السكاني بمعهد بروكينغز، إن البطء في حركة الهجرة ربما يتسبب في تأجيل تحول البلاد إلى مجتمع أقلية غالبة من عام 2042 إلى 2050 أو ما بعد ذلك. لكنه أشار إلى أنه لن يمنع حدوث هذا التحول. ويضيف: «في نهاية المطاف، عندما يعود الاقتصاد إلى حالته، سيزيد عدد المهاجرين، ربما ليس من المكسيك، ولكن من أجزاء أخرى من العالم». وأضاف أنه من دون هذا العدد الهائل من المهاجرين الشباب، ستبدو الولايات المتحدة أقرب إلى اليابان، بنسبة المواطنين المسنين غير المتكافئة داخلها. ويتابع فري: «نحن نشهد بالفعل هبوطا في عدد السكان الشباب في أجزاء كبيرة من الدولة. من دون المهاجرين، لن يكون هناك أي شباب من بين قطاعات السكان. عصفت بنا عاصفة مثالية. فقد أصبح يفد إلى بلادنا مهاجرون أصغر سنا لديهم أطفال، في وقت نحن في أمس الحاجة إليهم فيه بالفعل».

المستقبل هنا، في نورثرن فرجينيا، حيث استقر المقام بمئات الآلاف من المهاجرين خلال الخمس والعشرين سنة الماضية قادمين من مجتمعات مختلفة، مثل فيتنام والسلفادور وإثيوبيا والعراق. تغيرت خلفيات الأطفال المسجلين في برامج «هيد ستارت» في المنطقة مع كل موجة مهاجرين. في الفترة من 2010 إلى 2011، ظلت أعداد ذوي الأصول الإسبانية ثابتة، فيما ارتفع عدد الأطفال ذوي الأصل الآسيوي أو الأفريقي بنسبة تربو على 30 في المائة، بينما تضاعفت أعداد من لهم أصول أخرى، مثل هؤلاء الذين تنحدر أصولهم من الشرق الأوسط.

«لقد تغير وجه هيد ستارت هنا، لكن لم تتغير الرغبة الحقيقة التي تحدو تلك الأسر في أن ترى أطفالها يظهرون أفضل ما لديهم»، هكذا قالت ميليندا لانغفور مديرة «نورثرن فيرجينيا فاميلي سيرفيس» التابعة لبرنامج «هيد ستارت» في أرلنغتون، وهي عبارة عن مؤسسة خاصة غير هادفة للربح تقدم خدماتها لـ2,400 طفل تقل أعمارهم عن 11 سنة.

وفي برنامج «لانغفورد»، لدى ستة من بين كل عشرة أطفال ما قبل سن المدرسة آباء ولدوا في دولة أخرى. تغطي رسوم ملونة جدران الأروقة وأقسام الدراسة، والتي تحمل توقيعات بأسماء مختلفة مثل فرانسيسكو وديانا وخديجة ويوريال ولافاند وبيتيل واستيفاني وبريتاني وسيد.

18-05-2012

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+