واشنطن- وظائف موسمية للطلاب الأجانب تثير حفيظة بعض الأميركيين

الخميس, 24 مايو 2012

عبر أنحاء منطقة واشنطن الأسبوع الماضي، وصل عمال شباب قادمون من أوروبا في أفواج، لشغل وظائف بحمامات سباحة. وقام الشباب، الذين يحملون حقائب ظهر، بملء استمارات وأخذوا معدات أمان وتبادلوا الحديث بالعديد من اللغات، وهم يتوقون لخوض تجربة العمل الصيفي والتعرف على أصدقاء جدد واكتساب مهارات والتعرف على ثقافة جديدة.

«الآن، يمكنني مقابلة العديد من الأفراد ومشاهدة أميركا»، هكذا انسابت كلمات أنزهالا سكيربينا، 21 عاما، طالبة من أوكرانيا تكبدت أسرتها مبلغا قيمته 3000 دولار كي يتسنى لها السفر إلى هنا والتسجيل ببرنامج العمل والسفر برعاية الولايات المتحدة. قالت وعلى وجهها ابتسامة: «يقول والدي إنها ستكون خبرة مفيدة جدا».

تبذل إدارة أوباما جهودا واسعة النطاق من أجل التحقق من أن سكيربينا ونحو 100 ألف طالب أجنبي آخرين لا يشعرون بأي نوع من الضيق أو الإحباط. ففي الصيف الماضي، عصفت بالبرنامج الشهير، الذي كان يهدف إلى خلق فرص عمل جيدة وتعزيز التعاون بالخارج، فضيحة عندما شن طلاب يعملون بمستودع حلويات في بنسلفانيا احتجاجا، شاكين من العزلة والعمل الشاق.

وفي 11 مايو (أيار) الحالي، سنت وزارة الخارجية قوانين تحظر عمل الطلاب الأجانب بوظائف يمكن أن تلحق بهم الضرر، وقصرت عملهم على وظائف موسمية خفيفة التي ليس من المحتمل أن تتسبب في تشريد العمال الأميركيين، كما ألزمت بفرض رقابة أكثر صرامة على الظروف التي يعملون فيها.

غير أن القوانين الجديدة لا تتطرق لقضية جوهرية يطرحها خبراء الهجرة والعمل عن عدة قطاعات من السوق. فاليوم، يوجد أكثر من 50 مليون عاطل أميركي في سن العمل التقليدية، في الوقت الذي يزداد فيه عدد الوظائف المحلية التي يؤديها عمال أجانب؛ بدءا من موظفي استقبال بالفنادق مرورا بممرضات وانتهاء بمتخصصي كومبيوتر.

أما عن الأميركيين في سن الكلية، فهناك نسبة بطالة عالية بين هؤلاء المنتمين لأسر فقيرة، وثمة منافسة محتدمة بين الطلاب من الطبقة المتوسطة على كتابة سير ذاتية تظهر جدارتهم. ومن ثم، يتساءل المعارضون عن سبب نقص عدد الأميركيين الشباب الذين يشغلون وظائف بسيطة في فصل الصيف؟

وقال دوغلاس وينكلر، الذي تدير شركته «هياتسفيل» 225 حمام سباحة في مجمعات سكنية وفنادق: «لم يعد المجد هنا. كثير من الأميركيين الشباب لا يرغبون في أن يعملوا عمال إنقاذ بحمامات السباحة». وعندما أنشأ والد وينكر هذه الشركة في خمسينات القرن العشرين، كان جميع عاملي الإنقاذ من صغار السن. والآن، يتمثل ثلث طاقم العمل الموسمي لدى وينكلر والبالغ عدده 650 عاملا بحمامات السباحة في طلاب أجانب، معظمهم من أوروبا الشرقية. وأضاف وينكلر: «الطلاب الأجانب ممتنون بالفعل لوجودهم هنا وشغلهم وظيفة، بينما يمتلأ جدول عمل الطلاب الأميركيين بأنشطة ومتطلبات أخرى الآن. آمل فعلا أن لا نضطر للاعتماد بدرجة كبيرة على العمالة الأجنبية، لكن الواقع الفعلي يشير إلى أنه ليس أمامنا أي خيار آخر».

وفي حمامات السباحة «هاي سييرا بولز» الأكبر مساحة في مقاطعة أرلنغتون، قام المديرون بالتعاقد مع نحو 600 أميركي و900 طالب أجنبي للعمل خلال فصل الصيف. ويكمن أحد الأسباب وراء تلك الأعداد غير المتوازنة، على حد قولهم، في الأعوام الأكاديمية وبرامج الرياضات التي تمتد لفترة طويلة في الولايات المتحدة، بحيث تقتطع فترة كبيرة من فصل الصيف، مما يجعل الشركة تسارع بجلب عمال لملء الورديات.

وقاه راداك كاكزور، وهو مدير بشركة «هاي سييرا» من بولندا: «يتعين علينا تشغيل حمامات السباحة من يوم الذكرى إلى يوم عيد العمال، ولا يستطيع الأميركيون الالتزام بالعمل طوال الموسم. تتطلب منا عملية الاستعانة بعاملين أجانب جهدا مضنيا بدلا منهم. يتحتم علينا أن نعثر لهم على مساكن وأن نتأكد من أنهم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ولديهم مهارات السباحة. لو كان بإمكاننا جعل طاقم عملنا بأكمله من الأميركيين، لفعلنا».

يحدو بعض خبراء الهجرة والشركات التي تقوم باستئجار عاملين محليين للعمل بحمامات السباحة شكوك بشأن تلك المزاعم. فهم يقولون إن الربح هو الأمر المهم وإن تكلفة التعاقد مع الطلاب الأجانب أرخص لأن أصحاب العمل يحصلون على تنزيل ضريبي ولا يكونون ملزمين بدفع تأمين اجتماعي أو مساعدات «ميديكيد». ويتم تعيين غالبية الأجانب في معارض توظيف في دولهم الأصلية: يقدم لهم متعهدو توريد العمال حزمة من الشروط والأجور التي تبدأ من 7.25 دولار في الساعة حدا أدنى. ولا يمكنهم التفاوض، بحسب وينكلر.

وقال ستيفن كاماروتا من مركز دراسات الهجرة، وهو عبارة عن شركة أبحاث سياسية مقرها واشنطن: «من سن 18 إلى 65 عاما، كان هناك تراجع هائل في عدد العاملين من السكان الأصليين. لا أحد ينكر ذلك، ولكن ما ينكره الناس هو أسباب ذلك». وقال إن بعض متعهدي توريد العمال يحصلون على عقود مع شركات أميركية عن طريق الوعد بتحقيق مدخرات وبأن الزائرين الذين يعتمدون على أصحاب العمل في الحصول على تأشيرات وسكن سيقل احتمال اعتراضهم على الانتهاكات.

ومن بين آلاف الطلاب الأجانب الذين يفدون إلى منطقة واشنطن كل صيف، كان هناك عدد محدود من الشكاوى. وقال مسؤولون بشركة حمامات السباحة إن الوظيفة مرضية وتضفي على نفسها طابعا اجتماعيا من خلال التوافق مع المهمة الثقافية لوزارة الخارجية. ويعود بعض موظفي الإنقاذ بحمامات السباحة للعمل مرة ثانية أو ثالثة في فصل الصيف، ويقولون إن فرصة الاندماج مع الأميركيين تعتبر بمثابة حافز لهم مثلها مثل الدخل.

بدأ روبرت ستاموجكوفسكي، 24 عاما، طالب من مقدونيا، موسمه الرابع مع «هاي سييرا». في بلده الأم، يدرس من أجل العمل بوظيفة في مجال تأمين المعلومات، وقال إن إقامته المؤقتة في الولايات المتحدة جعلته أكثر حنكة وقدرة على التواصل.

تعهدت شركة إدارة حمامات سباحة تملكها أسرة، وهي شركة «كريستال أكواتيكس»، الكائنة في تشانتيلي، بالتعاقد مع أميركيين فقط. وقال مسؤولو الشركة إنهم أحيانا ما يواجهون أسعارا أقل من قبل شركات تقوم بالتعاقد مع طلاب أجانب، لكنهم يفضلون الأميركيين بوصفها مسألة مبدأ.

وقالت كاسي فورد، رئيسة شركة «كريستال»: «أعلم أنها سوق عالمية الآن، لكن يجب أن تكون لدى أبنائنا القدرة على المنافسة على أرض ممهدة. العاملون الأجانب لا يخضعون للقوانين نفسها. إذا قمت بإدخال ثمانية أفراد إلى شقة بها سرير واحد، يمكنك أن توفر مبلغا كبيرا. يجب أن لا تكافأ الشركات على جلبها عمالة أجنبية، في الوقت الذي يوجد فيه عمال محليون يرغبون في العمل». وإضافة إلى معالجة أشكال المخالفات مثل الإسكان باهظ الثمن وظروف العمل السيئة للطلاب الأجانب، تقدم القوانين الجديدة إجراءات وقائية للعمال الأميركيين البالغين، بحيث لا تتم الاستعاضة عنهم بطلاب أجانب بأجر أقل. ويعتبر هذا سببا ثانيا وراء منع دخول الزائرين إلى المستودعات أو المصانع أو أية شركة يضرب فيها عمال أميركيون عن العمل.

وقالت جنيفر روزنباوم، محامية باتحاد العاملين الضيوف الوطني، وهي مؤسسة غير ربحية، في نيو أورليانز: «القوانين الجديدة تضيف بعض الإجراءات الوقائية الواضحة لكل من العمال الأميركيين والعمال الضيوف المؤقتين. تلك أمور تدخل في إطار المجاملة. الطلاب بحاجة لأن يشغلوا وظائف موسمية تشتمل على مكون ثقافي قوي، وأن لا يعملوا بوظائف دائمة يمكن أن يؤديها الأميركيون. وهذا من شأنه بكل تأكيد أن يوفر مزيدا من الوظائف للأميركيين».

وقال مديرو منطقة حمامات السباحة إنهم ليس لديهم أي اعتراض على القوانين الجديدة، باستثناء مواطن الخلل الأولية في الجدولة، وذلك نظرا لأن وظائفهم ليست مرهقة، فضلا عن أنها تتيح التواصل الثقافي.

يذكر أن السواد الأعظم من الطلاب الأجانب في منطقة واشنطن يعملون بمنشآت ترفيهية أو سياحية؛ ومعظم الوظائف غير المألوفة، مثل تعليب الأسماك ومعارض السفر، تتركز في أجزاء أخرى من البلاد.

24-05-2012

المصدر/ جريدة الشرق الأوسط

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+