ولِيد .. طالبٌ مغربي ارتحلَ لأجل طلب العلم ولو في "التايوان"

الإثنين, 27 يناير 2014

 إنْ قيلَ قديمًا "اطلُبُوا العلمَ ولوْ فِي الصِّين"، من بابِ الحث على الكدِّ فِي سبِيله، فإنَّ الطالب المغربِي، ولِيد لقوَادر، مضَى أبعد من سقف المثل السائر، واجتازَ الصين، ليحلَّ بالتايوان، حيثُ اختار أنْ يتابعَ دراسته فِي الاقتصاد العام، بالعاصمة "تايبِي".

ولِيد الذِي يممَ شطرَ بلدٍ عددُ المغاربة فيه يقلُّ حدَّ الندرة، يقولُ فِي حديثٍ لهسبريس، إنَّهُ لا يعرفُ بالعاصمَة سوَى مغربيين؛ أحدهُما مالكٌ لمطعم، وأخرى مهندسَة، عازيًا اختيارهُ جامعة "شينغشِي" الوطنيَّة، إلى إقلاع التنين الصينِي، ورغبته في الاطلاع على الثقافة الصينيَّة أمَّا "الثقافة الأوربيَّة ففِي المتناول، بينمَا قدْ لا تتاحُ الفرصَة مرَّة ثانية لأقصد هذا البلد الواقع فِي أقاصِي آسيَا".

وعنْ بدءِ رحلته إلى التايوان، يستطرد وليد "درستُ عامين بإحدَى المدارس العليا فِي الرباط، التِي منحتنِي، منحةٍ قدرها 30 ألف درهم للسنة، كيْ أتابعَ دراستِي في سلك الإجازة، الخارج، وبالتايوان تحديدًا، ولمْ أجدْ أيَّ اعتراضٍ من أهلِي، الذِين يمولُون دراستِي هنا، حيث أنَّ تذكرة الطائرة لوحدها تبلغُ 14 ألف درهم، لقطع الرحلة الممتدة على 19 ساعةً في السحاب. ذلك بعد الحصول على التأشيرة التايوانيَّة من سفارة بارِيس، بالنظر إلى عدم وجود قنوات ديبلوماسيَّة بين المغرب والتايوان، حيث إنَّ على طالبها أنْ يسافر إلى فرنسا، كيْ يطلبها هناك وينتظر لنحو أسبوع".

ولأنَّ ابن مدينة مراكش، الذِي تفوق منذُ سنٍّ مبكرة، وحصل على شهادة البكالوريَا بميزة حسن في المغرب، ارتحلَ بغرض التحصِيل العلمِي، فهُو يقولُ إنَّ ما ألفَى عليه النظام التعليمي والجامعي بالتايوان، جعلهُ غيرَ نادمٍ على خياره، "حيثُ إنَّ شروط التحصِيل جد مواتيَة، فعددُ الطلبَةِ فِي المدرجِ لا يتخطَّى 40 طالبًا، أمَّا دروس اللغة الصينيَّة فلا يحضرها أكثر من 6 طلبة، فضلًا عن وجود خزانات للبحث مفتوحة على مدار 24 ساعة، وبساطة مناهجهم، كمَا أنَّ بوسعِ الطالب أنْ يبحث بيسر عن ملخصات المحاضرات في اليوتيوب، ليجدهَا دونَ عناء".

حين سألتْ هسبريس ولِيد أنْ يعقد مقارنَة بين النظام التعليمي بالجامعة في المغرب ونظيره التايوانِي "قالَ إنَّهُ، وإنْ لمْ يكن قدْ درسَ بجامعة مكتظَّة، لأنه ولجَ مدرسة عنْ طريق الانتقاء، إلَّا أنَّ القياس يبدُو صعبًا، لأنَّ المناهج كما وجدها في التايوان، سهلة وفِي المتناول، كمَا أنَّ النظام لا يركزُ على الكم بقدر ما يستهدفُ الكيف، ففي المغرب كنا ندرس أزيد من 40 ساعة فِي الأسبوع، أمَّا هنا فلَا يتجاوزُ عددُ الساعات 21، مما يملكُ معه الطالب الوقت ليقصد المكتبة ويبحث، ويعتمد على نفسه، لا أنْ يكونَ متلقيًا سلبيًّا، حتَّى أنني حصلتُ على نقط عاليَة هنا ما كان لِي أنْ أبلغها في المغرب".

"النَّاسُ فِي التايوَان تختلفُ طباعُهم عن الأوربيِّين، حيثُ إنَّ الابتسامة لا تكادُ تفارقُ محيَّا الإنسان التايوانِي، حينَ يقعُ عليه ناظرُك، ولمَّا وصلت إلى هنا، وجدتُ الجيران يدعونني إلى العشَاء، كما أنَّ طلبةً متطوعِين كانُوا قد جاؤُوا إلى المطار لأجل استقبالِي وإرشادِي، لكوني قادمًا لأول مرَّة إليهم. يقول وليد "أتذكَّرُ أنني ركبتُ، ذات يوم سيارة أجرة، وطلبت منهُ أنْ يأخذني إلى مكان لمْ أحسن نطقه فأخطأ السائق الوجهة، لكن ما إنْ توقف حتَّى أخبرته أنه ليس المكان المطلوب، ليعيدنِي إلى المكان الذِي أردت، دون أنْ يطلب مني سواء المقابل العادي، حتى وإنْ كنتُ السبب فِي إطالة المشوار".

الهزَّات الأرضيَّة التِي تعرفها المنطقة بين الفينة والأخرى، لم تعد تثير التوجس فِي نفس ولِيد، فهُو واثقٌ من صلابة البنية التحتيَّة، ولكونها مألوفة، بخلاف المغرب، حيث يمكنُ أنْ يفضيَ زلزالٌ من 6 درجات إلى خسائر في الأرواح والبنَى، مردفًا أنَّه فِي حال أوجد السبل ممكنة، سيتابعُ دراسة الماستر بالبلد نفسه، الذِي قالَ إنَّ أهله لا يلقون بالًا للسياسة، والخارجيَّة منها على وجه الخصوص "فأغلبُ من ألتقي بهم هنا لا يعرفون المغرب، ويحصل كثيرًا أنْ يخلطُوا بينه وبين موناكُو".

"النَّاسُ هنَا ذروةٌ فِي التسامح، ولا ينبشُون فِي دين المرء، حتَّى أنَّ أكثرهم لا يكاد يميزُ بين الإسلام والمسلم، وقدْ يسألونك بصيغة "are you islam"، وأجدنِي اليوم، قدْ أضحيتُ ذا أفقٍ أكبر عند النظر إلى أشياء، لقد أدركتُ شساعة الأرض، واختلاف الثقافات، وأنَّ ما أقيسُ به الأمور ليستْ معايير مواطني دول أخرى في التقدير، وتعلمت كيفَ أقدمُ صورةً عن بلدِي المغرب، وكيف اتخذُ قراراتٍ كثيرة في لحظات حاسمة، بعيدًا عن الأهل، الذِين أنتظرُ العودة إليهم فِي يوليُوز القادم، بعد تجربة العلم في التايوان"، ينهي ولِيد كلامه.

عن موقع هيسبريس

 

 

«أبريل 2024»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
Google+ Google+