مؤرخون وأكاديميون يستعرضون مختلف روافد الهوية المغربية في كتيبات موجهة لشباب مغاربة العالم

الثلاثاء, 03 مايو 2016

احتضنت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية مساء يوم الثلاثاء 3 ماي 2016 تقديم  مجموعة إصدارات جديدة تحت عنوان:"الشخصية المغربية: دينامية التنوع" أنجزها ثلة من الأساتذة من تخصصات مختلفة كالتاريخ والأدب والفلسفة بدعم من مجلس الجالية المغربية بالخارج.

وتقدم هذه المجموعة المكونة من 13 كتيبا من الحجم الصغير  مسارات شخصيات مغربية عبر التاريخ، تجسد خصوصيات الشخصية المغربية والقيم التي تعكسها كالتعدد والتنوع والتسامح وغيرها، وهي موجهة بالأساس الى الشباب المغربي خاصة في الخارج. 

"الهدف من إنجاز هذه الكتيبات هو إبراز تنوع الشخصية المغربية عبر مكوناتها المختلفة، وتقديم نماذج لشخصيات مغربية تمثل ما نحن في حاجة إليه اليوم خصوصا بالنسبة لشباب الهجرة، على أن يتم الاشتغال على مشاريع أخرى حول شخصيات أخرى لا يمكن للتاريخ المغربي تجاوزها" يقول أحمد سراج، عن مجلس الجالية المغربية بالخارج خلال تقديمه لأشغال هذا اللقاء؛ مبرزا في نفس الوقت أن إنجاز هذه الأعمال هو إشارة  على أن الإصلاح التربوي المنشود يجب أن يتوجه أيضا إلى هذا النوع من  المنتوج العلمي المبسط والذي يحترم في المحددات العلمية.
من جهته شكر المؤرخ عبد المجيد القدوري أحد المشاركين في إنجاز هذه المؤلفات حول الشخصية المغربية، ترحيب مجلس الجالية المغربية بالخارج في شخص أمينه العام، عبد الله بوصوف، بفكرة معالجة موضوع الهوية انطلاقا من افراد داخل المجتمع بمجرد طرحها.وبعد تقديمه للإطار النظري والمعايير العلمية التي أطرت هذا العمل، المبني على مقاربة الاجتماعية التي تنطلق من الفرد للوصول إلى المجتمع عبر اعتماد مسارات شخصيات وازنة كمفاتيح لفهم تنوع روافد الهوية المغربية، أكد القدوري على أن الغاية من هذا العمل ليست الوصول إلى البحث التاريخي ولكن محاولة تقديم مادة تاريخية للقارئ العادي  وبالخصوص  للشباب في الهجرة الذي يوجد في وضعية حيرة من حيث الهوية.وشهدت هذه المائدة المستديرة التي شارك فيها جل الأساتذة الذين ساهموا في تأليف الكتيبات، تقديم الخطوط العريضة لمختلف للأبعاد المكونة للشخصية المغربية ومحددات اختيار الشخصيات التي تجسد كل بعد على حدى.

CCME BNRM 0305201601
وفي هذا الإطار قدم الأستاذ أسمهري المحفوظ، البعد الأمازيغي في الشخصية المغربية من خلال تسليط الضوء على شخصية جوبا الثاني كملك للمغرب القديم. "ومن بين مزايا اختيار جوبا الثاني أنه أخذ أسيرا وهو ابن خمس سنوات، ليعود ويتربع على العرش، لكن النكبة التي تعرض لها وهو طفل لم تنسيه أصوله الامازيغية، حيث كان منفتحا على اللغات المتوسطية، كما انفتح على البلاط الفرعوني بزواجه من ابنت كليوباترا، وجسد انفتاح المغرب القديم على العالم المتوسطي"يضيف.أما الأستاذ الجيلالي العدناني فقد قدم نبذة عن شخصيتين كان لهما دورا في الاشعاع العلمي للمغرب وتظهران تفاعل الشخصية المغربية مع محيطها الاجتماعي والسياسي والثقافي،  هما العلامة المختار السوسي والشيخ احمد التيجاني، "وهما شخصيتان يجمعهما الانطلاق من المحلي الى الشمولي، حيث أن أهمية احمد التيجاني تكمن في كون هذا الصوفي استطاع بفضل طريقته أن يخلق الموجة الثالثة للإسلام" يقول العدناني.
بدوره ركز الأستاذ مبارك آيت عدي، على البعد الصحراوي في الشخصية المغربية، وشدد على أن جنوب المغرب والصحراء كانا حاضرين دائما في جميع الأحداث التي عرفها داخل المغرب، مستدلا على هذا الحضور  بشخصية  الشيخ ماء العينين؛ وهو واحد من الشخصيات التي انخرطت في هموم الدولة المغربية عبر التاريخ. "كما أن  الجانب الوحدوي ظل حاضرا  عند هذا العالم  الذين حاول جمع كلمة القبائل الصحراوية منذ وقت مبكر لمواجهة الضغوطات الاستعمارية، وكان له دور فعال في الإصلاحات التي شهدتها بداية القرن العشرين وكذا في توحيد الطرق الصوفية بين القبائل" يشرح الأستاذ.
ونظرا لأهمية حضور المرأة في التاريخ المغربي فقد تطرق كتيب آخر إلى شخصيتين نسائيتين طبعتا التاريخ المغربي هما خناتة بنت بكار والسية الحرة، وفي هذا الإطار قالت الأستاذة آسية بنعدادة، إن أهمية هاتين السيدتين تكمن في دورهما المحوري في فترة الأزمات، حيث أن السيدة الحرة سطع نجمها واستطاعت حكم المغرب لمدة ربع قرن انطلاقا من مدينة تطوان حيث ركزت على البحر واستطاعت نسج علاقات مع القراصنة الجزائريين؛ أما  اخناتة بنت بكار فقد عاصرت فترة مولاي اسماعيل وكانت مستشارة للسلطان، ولعبت دورا مهما في فترة الأزمة بعد وفاة مولاي اسماعيل، وكانت لها مكانة كبير في قصر السلطان المولى عبد الله الذي  كان يوقع كتاباته باسم عبد الله ابن خناتة". وبالرجوع إلى تاريخ الدبلوماسية المغربية اختارت الأستاذة مليكة الزاهيدي الاشتغال على شخصية السفير ابن عثمان المكناسي الذي يعد من مؤسسيها في فترة عرفت بداية الضغوط التجارية الأوروبية على المغرب مما فرض على الدولة المغربية ابتداع اليات للعمل الدبلوماسي. "وهنا برزت شخصية المكناسي كدبلوماسي محنك ورجل دولة وسطي خلف ثلاث مؤلفات تؤرخ لسفراته المتعددةو استطال ان ينسج علاقات جيدة مع الجارة إسبانيا في وقت لم يكن قد نظر التشريعي الإسلامي  بعد في مسألة سفر المسلمين إلى دار الحرب" تعلق أستاذة التاريخ.

CCME BNRM 03052016
إن الحديث عن الدبلوماسية المغربية يفرض التطرق إلى البحر، من هذا المنطلق قدم أستاذ التاريخ، عبد الإله الدحاني شخصية ابن عائشة التي تبرز الدور الذي يمكن أن يلعبه البحار في دواليب الدولة. وقد جعلت خبرة ابن عائشة في البحر المصادر الغربية تصفه بأمير البحر، ومكنته هذه الخبرة والمعرفة الواسعة بالناس خلال فترة سفارته من الخروج بطريقة ذكية من بعض الاشكاليات التي طرحت عليه؛ "بالإضافة إلى ذلك فإن ابن عائشة لم يكن سفيرا فقط بل وزيرا خلال فترة حكم مولاي ساماعيل، وقد كلف بمفاوضة المبعوثين الأجانب حول مساألة حساسة هي مسألة الأسرى، كما حاول أن يؤسس لشركات بالمغرب بشراكة مع الأجانب في أولى خطواتى نقل الرأسمالية الى المغرب".
أما شخصية الحجوي، فهي تمثل مسار التحديث في الشخصية المغربية، حيث أنه كان رمزا للتيار التوافقي الذي أفرزه حدث الحماية، بالموازاة مع التيار المنصهر بشكل كامل مع الحماية، والتيار الذي يطالب بمعاذاة المحتلين؛ وقد كان الحجوي الذي اشتغل في البلاط  قبل وبعد الحماية يرى أن  على المغرب المغرب وهو تحت الحماية الانفتاح على الحضارة الغربية مع الحفاظ على الشخصية الإسلامية المغربية.
وإضافة إلى هذه الأبعاد تضم علبة المؤلفات أبعادا أخرى ساهمت في تشكل الهوية المغربية هي البعد المورسكي وهجرة عبد الرحمان الحجري، أفوقاي، وكذا البعد اليهودي من خلال استعراض شخصية العالم والفيلسوف ابن ميمون الذي غذى بأعماله وإنتاجه المساهمة اليهودية في بناء شخصية الإنسان المغربي.
هيأة التحرير  

الصحافة والهجرة

Google+ Google+