برلين- دراسة الاستشراق.. بحث عن الذات وعن الشرق المفقود

الثلاثاء, 15 مايو 2012

يتزايد عدد الطلبة الجدد الذين يدرسون الاستشراق وعلوم الإسلام في ألمانيا. فقد وصل عددهم في عام 2011 إلى حوالي أربعمائة طالب. فما هو السر في ذلك؟ DW- عربية تجولت في جامعة بامبرغ وسألت بعضهم عن سبب دراستهم الاستشراق.

دراسة الاستشراق والثقافة الشرقية ليست وليدة اليوم في ألمانيا، فأغلب الجامعات الألمانية تُدرس هذا التخصص العلمي. وخزانة الكتب الألمانية مليئة بالكتب والدراسات والأطروحات الجامعية التي تعالج لغات الشرق وثقافته بمختلف أبعادها. ويمكن الاستشهاد ب"فريديش روكير" أو"رودي باريت" وترجمتهما للقرآن، أو "أني ماري شيميل" المتخصصة في التصوف، وغيرها من الأسماء التي تأثرت بالثقافة الشرقية وعلى رأسها "غوته".

الدراسة كفرصة للبحث في الأصول الشرقية

تتابع سارة، ذات الأصول الأفغانية دراستها علم الاستشراق في جامعة بامبرغ في ولاية بافاريا. وبالنسبة لها فمرحلة الجامعة تشكل فرصة للبحث عن هويتها. والسبب الذي يدفعها للبحث، هو أنها ولدت في ألمانيا لأبوين من أصول أفغانية، وترعرعت في ألمانيا في جو تسود فيه الثقافة الغربية. لكن العديد من التقاليد المشرقية كانت جزءا من تربيتها. وتقول سارة "من خلال الدراسة أريد أن أكتشف وأن أتعلم المزيد من الأمور المرتبطة بجذوري المشرقية".

ويعتبر المجال الصحفي والكتابة من التخصصات التي تستهوي سارة لأنها تريد أن تكتب "عن هموم الناس وتساهم في حل مشاكلهم". حالة سارة ليست حالة استثنائية، فقد لاحظتDW - عربية أثناء تواجدها في الجامعة، وجود العديد من طلبة الاستشراق من أصول تركية، عربية، فارسية وغيرها.

"منذ كنت طفلة صغيرة وأنا مفتونة بمصر القديمة، وقد عمقت معارفي بالشرق من خلال دروس التاريخ في المدرسة"، هذا ما تقوله ليندا برغ في لقائها معDW - عربية. وتعشق ليندا الشرق بسبب "ثقافته الغنية وأسلوب الحياة فيه، المختلف عن أسلوب الحياة الغربي". كما تؤكد على أن "الشرق والغرب كانا على درجة من القرب في وقت مضى"، وتأسف في نفس الوقت عندما "يتحدث بعض الغربيين عن الشرق وثقافته كعناصر غريبة ودخيلة". ثم تضيف ليندا "لقد اخترت دراسة الاستشراق لكي أفهم الثقافة الشرقية على نحو جيد، أنا أهتم كثيرا بالسياسة والعلاقات السياسية بين الغرب والشرق".

"كل شيء بدأ مع حكايات أبي قبل النوم"

بجانب ليندا يدرس فيليب شايتنبرغر الاستشراق وعلوم الإسلام منذ صيف 2011. وبدأ اهتمامه بالمشرق والثقافة الشرقية منذ أن كان طفلا. عن بداية حبه للشرق يقول فيليب لـDW - عربية " كان أبي يقرأ لي قصصا وحكايات من الثقافة الشرقية، كألف ليلة وليلة وحكايات الكاتب وليام هاوف حول خليفة بغداد". هذه القراءات أثارت في فيليب الإعجاب بالثقافة الشرقية وبالمشرق. والذي تحول من مجرد قراءات للكتب إلى واقع، عندما سحرته الهندسة الشرقية وخصوصا الحدائق الشرقية الطراز. رحلات فيليب عبر ثقافات وجغرافية الشرق هي في نفس الوقت سفر للبحث عن جذور الثقافة الغربية، كما يقول "لقد كان الأمر واضحا بالنسبة لي منذ وقت مبكر، أن جذور ثقافتنا الغربية في مجال الحدائق والزراعة مثلا، أصلها من الشرق".

"أريد أن أساهم في الحوار بين الأديان

بدأت علاقة دانييلا بالشرق منذ الصغر. فعندما كانت تلميذة في المدرسة ألقت عرضا حول الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي. دفعها فضولها بعد ذلك لأن تشتري كتبا حول الإسلام والشرق. تقول دانييلا " أنا أعشق الثقافة الشرقية خصوصا الفن والشعر الفارسي". في سن العشرين اعتنقت دانييلا الإسلام فاختارت العلوم الإسلامية لتنمية معارفها وتعلم اللغات الشرقية. وطموحها في حياتها العملية، هو المساهمة في الحوار بين الأديان والثقافات.

"عدت من المغرب بأسئلة معلقة"

بعد حصوله على شهادة البكلوريا (المرحلة الإعدادية) في ألمانيا، أمضى فيليكس سنة من الخدمة المدنية في مدينة فاس المغربية. وتعرف هناك على نمط حياة جديد وثقافة جديدة. عن تجربته هذه يقول فيلكس: "في مدينة فاس عملت مع الجمعيات المهتمة بحقوق المرأة، وجمعت تجارب كثيرة في هذا المجال، ولما عدت إلى ألمانيا بقيت مجموعة من الأسئلة عالقة في ذهني، فقررت دراسة علم الاستشراق لمواصلة البحث في هذا المجال". ويأمل فيليكس في الحصول على فرصة عمل في إحدى المؤسسات التي تعمل في الشرق، كمعهد غوته، الذي أمضى فيليكس تدريبا في أحد فروعه في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

أصدقاء المدرسة من أصول شرقية يتركون انطباعا جيدا

أحيانا يلعب الارتباط بصداقات مع أناس من أصول شرقية دورا كبيرا في تحديد توجهات بعض الأشخاص للدراسة، فبالنسبة للطالبة ديبرا، أثرت فيها صديقتها ذات الأصول التركية في المدرسة ودفعتها علاقتها معها إلى التعرف على الإسلام والثقافة الشرقية. عن ذلك تقول ديبرا "كنت أتحدث كثيرا مع صديقتي حول الإسلام. دعتني إلى بيتها فتعرفت على أسرتها وتأثرت كثيرا بحفاوتهم وكرمهم". أحبت ديبرا هذه الأجواء وازداد حبها للشرق بعد رحلاتها المتكررة إلى هناك فأصبحت مغرمة بكل ماهو شرقي، مثل اللغات والموسيقي والشعر والطبخ. هذا العشق للثقافة الشرقية قادها في الجامعة إلى دراسة الاستشراق، فهي تريد "تعلم اللغة العربية والتعمق في الثقافة العربية".

15-05-2012

المصدر/ شبكة دوتش فيله

«تشرين الثاني 2009»
اثنينثلاثاءالأربعاءخميسجمعةسبتالأحد
      1
2345678
9101112131415
16171819202122
23242526272829
30      
Google+ Google+