ليس الرياضيّون وحدهم من يتطيعون اللجوء إلى "نَفَس ثانٍ" يرفع أداءهم ويجنّبهم البصم على عطاءات محتَشمة، بل هذا النهج يبقى مُتاحا لعموم الناس أينما تموقعوا بفِعلهم في المجتمع الذي يحتضنِهم .. ومن بين اللاجئين إلى الـ"Deuxième souffle" لتصحيح المسار وضمان ألقِه يتواجد قاسم خالد الذي أفلح، خلال السنوات الـ7 الماضيّة، في تحقيق طفرَة تبقى جديرَة بالاهتمام ولائقة بتحفيز غيره.

قد تكون الحياة كتلة من الفرص التي يتوجّب استثمار أكبر قدر منها وفق البعض، مثلما قد يكون العيش، لدى آخرين كُثر، مبنيا على اختيارات مدروسة سلفا بعناية بالغة..لكنّ مسار شكري موساوي يبقى جديرا بالاهتمام وهو يشهد، بجلاء واضح، على أن تطابق الإمكانيتَين يبقى قابلا للتحقق فوق البسيطَة.

اضطرّت حسناء بوعزّة، مغربيّة الأصل هولندية الجنسية، إلى تغيير وعائها الثقافيّ قبل تحقق الوعي لديها بوجودها، لكنّها سرعان ما عادت، عند وصولها إلى مرحلة الاختيار في حياتها، إلى الفعل في الثقافة من أجل الفعل بالثقافة؛ وبذلك كرّست كلّ جهدها المهنيّ، وشقّا غير يسير من حياتها الشخصيّة، لكسر الصور النمطيّة التي تُتداول بهولندا بخصوص من يعيشون على الضفّة الجنوبيّة من الحوض المتوسطيّ عموما، ومن يتواجدون بالتراب المغربيّ، أو ينحدرون منه أصلا، على وجه التحديد.

يحمل أحمد مركوش، البرلماني الهولندي ذو الأصل المغربيّ، قناعات تجرّ عليه قدرا غير يسير من انتقادات من تمسّهم .. ذلك أنّه يرَى بأن الجريمَة تبقَى جريمَة بغضّ النظر عن هويّة من اقترفها، كما يؤمن بأن المطالبة بنيل الحقوق لا تُسقط، بأي حال من الأحوال، ضرورة القيام بالواجبات المسطّرة في كلّ عقد اجتماعيّ .. أمّا مسار حياة مركُوش فهو قامُوس مفسّر، بجلاء تامّ، لأسباب تبنّي هذه القناعات من لدن رجُل بدأ حياته بصدمة مسّته قبل أن يحوّل جهود إلى إحداث صدمَات لدَى الغير .. علّ العلاج بالصدمات يفِي بالغرض تجاه الاعتلالات المجتمعيّة المرصُودَة

مازالت رحمة المودن، البالغة من العمر 56 عاما، محافظة على لسانِها الجبليّ وهي تخاطب أبناء جلدتِها، وذلك رغم مراكمتها 40 عاما من الحياة وسط هولندا..وإلى جانب منطوقِها المحتفظ بسِمَته الثقافيّة المغربيّة الشماليّة، تدخر رحمة، إلى حدود الآن، طاقة التحدّي نفسها التي غادرت بها طَنجة، والتي استثمرتها في التحوّل من عاملة بسيطَة إلى مستثمرَة مرموقة في الديار الهولنديّة.

حلم طفوليّ

تميّز مصطفى هلالي بمسار متفرّد في تجربة الهجرة التي قادته نحو الديار الهولنديّة، وأفلح في البصم على تميّز وهو يتموقع وسط كبار ضبّاط القوات المسلّحة في الأراضي المنخفضة، وأثبت أن نجاح مغاربة العالم لم يقتصر على مجالات أكاديميّة أو تجاريّة أو رياضيّة، بل امتدّ إلى ما هو أبعد، كحمل السلاح ذودا عن القيم الإنسانيّة ببلدان استقبلت متأصلين من المغرب.

استطاعت سميرة بودونت، مغربيّة الأصل هولنديّة المولد والجنسيّة، أن تمسك بمفاتيح النجاح ضمن مسارها الحياتيّ الذي قادها إلى ممارسة مهنة المحاماة بالأراضي المنخفضة .. محوّلة اسمها إلى أيقونة في مجال اشتغالها المتخصص في التعاطي مع فصول قانون الأجانب الهولنديّ .. وبصمت على تجربة تفيد بكون المراهنة على تحقيق الأحلام لا تقلّ نجاعة عن استثمار الفرص المتاحة من أجل تحقيق الذات وخلق مسارات برّاقة.

عمل عبد الرحمان العيساتي، مغربي مستقرّ بهولندا، على إتباع حدسه طيلة السنوات الـ56 التي قضاها بين الفضاءين الجغرافيّين الإفريقيّ والأوروبيّ، دون إغفال تطعيم هذا الحدس بما توفر من نصائح يقدّمها له محيطه هنا وهناك، مُفلحا، تحت مظلّتَي البحث الأكاديميّ في التواصل والفعل الثقافي الهوياتي المغربيّ الأمازيغيّ، وما يتحقق من تقاطعات بين هذا وذاك، في نهج مسار حياتيّ متميّز، أسّس له بالمغرب قبل أن يحقق له الإشعاع بالأراضي المنخفضة، على أمل أن يختم أوج عطائه بمساهمات في تنمية بيئته الأصل.

الصحافة والهجرة

مختارات

Google+ Google+